وتكمن العلاقة بين البلدين، أو بالأحرى الصراعين، في الروابط التي تجمع قوات شرق ليبيا، بقيادة خليفة حفتر، وقوات الدعم السريع في السودان، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
في عام 2019، كشفت الأمم المتحدة عن إرسال حميدتي المئات من قواته لدعم حفتر الذي يسيطر على شرق وجنوب ليبيا. وكان حفتر حاول مرارا بسط نفوذه على العاصمة الليبية طرابلس، حيث يقع مقر الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، لكن باءت محاولاته كلها بالفشل.
ومنذ تفجر المواجهات المسلحة في السودان منتصف إبريل/نيسان الماضي، تحدثت عدة تقارير صحفية عن إرسال خليفة حفتر شحنات من السلاح والوقود لمساندة حميدتي في حربه ضد الجيش السوداني الذي يقوده عبد الفتاح البرهان.
ورغم أن قوات شرق ليبيا نفت، مؤخرا، دعمها لطرف على حساب آخر في السودان، تظل العلاقة بين حميدتي وحفتر تثير مخاوف من احتمال طول أمد القتال في السودان، واتساع نطاق تبعاته.
“تجارة مربحة”
تقول كلوديا غازيني، الخبيرة في الشأن الليبي بمجموعة الأزمات الدولية: “هناك خطا مفتوحا لتهريب الوقود من شرق وجنوب ليبيا إلى الدعم السريع، منذ أشهر. وبالتأكيد يحرص الطرفان على الحفاظ على تلك التجارة المربحة، التي تدر مكاسب كبيرة على قادة الشرق الليبي”.
وتمتلك ليبيا أحد أكبر احتياطيات النفط في أفريقيا، إن لم يكن أكبرها على الإطلاق. في حين تعرض السودان في السنوات الأخيرة لأزمات نقص وقود متكررة.
وتضيف غازيني أن التقارير التي تشير لنقل سلاح وعتاد، عبر الجنوب الليبي، من حفتر إلى قوات حميدتي لم تثبت قطعيا بالأدلة بعد، لكنها ترجح أن تكون هذه الشحنات، في حال نقلت بالفعل، صغيرة الحجم. وتقول: “لا ندري إذا كان هذا العتاد يهدف لتأمين خط تهريب الوقود أم لدعم حميدتي عسكريا”.
ولا يزال مصير الصراع العسكري في الخرطوم معلقا، فلا منتصر ولا مهزوم. ويعلن طرفا القتال هدنة تلو الأخرى، لكن هذا لا يعني، إطلاقا، أن الهدوء يخيم على العاصمة السودانية التي لاتزال تشهد اشتباكات قتل فيها مئات الأشخاص حتى الآن.
أين تقف روسيا؟
وتحذر غازيني من أن الوضع العسكري والسياسي الهش في ليبيا قد يتأثر أو يختل إذا استمرت المعارك في السودان وانخرطت أطراف إقليمية أو دولية في نقل السلاح إلى السودان عن طريق ليبيا. لكنها تعود وتؤكد أنه “ما من أدلة دامغة على ذلك بعد”.
ويرى العميد صفوت الزيات، الخبير العسكري في مصر، أن موسكو تتطلع لخلق جسر روسي-ليبي-سوداني، وتسعى لتزويد حميدتي بالسلاح عن طريق حليفها خليفة حفتر، حتى يتمكن من مواجهة الجيش السوداني بعتاده الثقيل.
المقاتلون الأجانب
طالما كان وجود مقاتلين أجانب على الأرض الليبية عائقا أمام كل المبادرات الدولية الداعية للخروج بالبلاد من حالة التمزق والانقسام والوصول بها إلى وضع سياسي مستقر.
وفي حال تعرضت قوات الدعم السريع للخسارة، من الممكن أن تجد ملاذا آمنا لها في الجنوب الليبي. أما إذا نجحت في تحقيق انتصارات، قد يعزز ذلك موقف خليفة حفتر ويدفعه لمزيد من التصعيد تجاه خصومه في الغرب الليبي.
وتؤكد غازيني أن المستجدات الميدانية على الساحة السودانية قد تجعل من فكرة التخلص من المقاتلين الأجانب في ليبيا أكثر صعوبة، خاصة إذ تدفق مقاتلون من الدعم السريع إلى ليبيا.
وتضيف: “تأتي معارك السودان لتضفي مزيدا من التعقيد على وضع مستعصٍ حقا. فالأراضي الليبية تمتلئ بالفعل بالوجود العسكري الأجنبي”.
وتلعب خريطة التحالفات المتشابكة في هذه المنطقة دورا مهما للغاية في تحديد شكل الولاءات وحدود الدعم الذي يمكن لكل طرف أن يقدمه للآخر.
فلن ترضى الولايات المتحدة، بالتأكيد، عن احتمالية تمدد روسيا باتجاه أفريقيا، انطلاقا من ليبيا.
ومن المستبعد أن يغامر أي طرف داخل ليبيا أو السودان، بإثارة غضب واشنطن، من خلال تقرب مبالغ فيه من الجانب الروسي.
وتؤكد غازيني أن حفتر “يتعرض لضغط من الأمريكيين حتى يقطع علاقته بالروس. ولا يحاول اتخاذ خطوات إضافية تكشف عن مزيد من التقارب مع موسكو. كما أن حميدتي، كذلك، حريص على الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع واشنطن”.
في المقابل، يرى الزيات أن ما يحدث في السودان “فرصة ذهبية لحفتر كي يعضد مركزه السياسي والعسكري على الساحة الدولية”.
ويضيف أن القائد الليبي يدرك جيدا “أن الولايات المتحدة والدول الغربية لا ترحب به كثيرا. وربما يحاول أن يبعث للغرب رسالة مفادها: إذا أردتم أن تمنعوا تدفق السلاح الروسي إلى السودان، فلتجلسوا معي نتفاوض بشأن ما يمكن أن تقدموه لي في ليبيا”.
وفي وقت يخشى فيه كثيرون من أن يتعقد الصراع الليبي بسبب السودان، بدأت مخاوف جديدة تطل برأسها، فهناك قلق من أن يتجه السودان نحو السيناريو الليبي، ليسقط فريسة لقوتين شبه متعادلتين، تتقاسمان البلاد وتتناحران بشكل مستمر.
وتكمن العلاقة بين البلدين، أو بالأحرى الصراعين، في الروابط التي تجمع قوات شرق ليبيا، بقيادة خليفة حفتر، وقوات الدعم السريع في السودان، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
في عام 2019، كشفت الأمم المتحدة عن إرسال حميدتي المئات من قواته لدعم حفتر الذي يسيطر على شرق وجنوب ليبيا. وكان حفتر حاول مرارا بسط نفوذه على العاصمة الليبية طرابلس، حيث يقع مقر الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، لكن باءت محاولاته كلها بالفشل.
ومنذ تفجر المواجهات المسلحة في السودان منتصف إبريل/نيسان الماضي، تحدثت عدة تقارير صحفية عن إرسال خليفة حفتر شحنات من السلاح والوقود لمساندة حميدتي في حربه ضد الجيش السوداني الذي يقوده عبد الفتاح البرهان.
ورغم أن قوات شرق ليبيا نفت، مؤخرا، دعمها لطرف على حساب آخر في السودان، تظل العلاقة بين حميدتي وحفتر تثير مخاوف من احتمال طول أمد القتال في السودان، واتساع نطاق تبعاته.
“تجارة مربحة”
تقول كلوديا غازيني، الخبيرة في الشأن الليبي بمجموعة الأزمات الدولية: “هناك خطا مفتوحا لتهريب الوقود من شرق وجنوب ليبيا إلى الدعم السريع، منذ أشهر. وبالتأكيد يحرص الطرفان على الحفاظ على تلك التجارة المربحة، التي تدر مكاسب كبيرة على قادة الشرق الليبي”.
وتمتلك ليبيا أحد أكبر احتياطيات النفط في أفريقيا، إن لم يكن أكبرها على الإطلاق. في حين تعرض السودان في السنوات الأخيرة لأزمات نقص وقود متكررة.
وتضيف غازيني أن التقارير التي تشير لنقل سلاح وعتاد، عبر الجنوب الليبي، من حفتر إلى قوات حميدتي لم تثبت قطعيا بالأدلة بعد، لكنها ترجح أن تكون هذه الشحنات، في حال نقلت بالفعل، صغيرة الحجم. وتقول: “لا ندري إذا كان هذا العتاد يهدف لتأمين خط تهريب الوقود أم لدعم حميدتي عسكريا”.
ولا يزال مصير الصراع العسكري في الخرطوم معلقا، فلا منتصر ولا مهزوم. ويعلن طرفا القتال هدنة تلو الأخرى، لكن هذا لا يعني، إطلاقا، أن الهدوء يخيم على العاصمة السودانية التي لاتزال تشهد اشتباكات قتل فيها مئات الأشخاص حتى الآن.
أين تقف روسيا؟
وتحذر غازيني من أن الوضع العسكري والسياسي الهش في ليبيا قد يتأثر أو يختل إذا استمرت المعارك في السودان وانخرطت أطراف إقليمية أو دولية في نقل السلاح إلى السودان عن طريق ليبيا. لكنها تعود وتؤكد أنه “ما من أدلة دامغة على ذلك بعد”.
ويرى العميد صفوت الزيات، الخبير العسكري في مصر، أن موسكو تتطلع لخلق جسر روسي-ليبي-سوداني، وتسعى لتزويد حميدتي بالسلاح عن طريق حليفها خليفة حفتر، حتى يتمكن من مواجهة الجيش السوداني بعتاده الثقيل.
المقاتلون الأجانب
طالما كان وجود مقاتلين أجانب على الأرض الليبية عائقا أمام كل المبادرات الدولية الداعية للخروج بالبلاد من حالة التمزق والانقسام والوصول بها إلى وضع سياسي مستقر.
وفي حال تعرضت قوات الدعم السريع للخسارة، من الممكن أن تجد ملاذا آمنا لها في الجنوب الليبي. أما إذا نجحت في تحقيق انتصارات، قد يعزز ذلك موقف خليفة حفتر ويدفعه لمزيد من التصعيد تجاه خصومه في الغرب الليبي.
وتؤكد غازيني أن المستجدات الميدانية على الساحة السودانية قد تجعل من فكرة التخلص من المقاتلين الأجانب في ليبيا أكثر صعوبة، خاصة إذ تدفق مقاتلون من الدعم السريع إلى ليبيا.
وتضيف: “تأتي معارك السودان لتضفي مزيدا من التعقيد على وضع مستعصٍ حقا. فالأراضي الليبية تمتلئ بالفعل بالوجود العسكري الأجنبي”.
وتلعب خريطة التحالفات المتشابكة في هذه المنطقة دورا مهما للغاية في تحديد شكل الولاءات وحدود الدعم الذي يمكن لكل طرف أن يقدمه للآخر.
فلن ترضى الولايات المتحدة، بالتأكيد، عن احتمالية تمدد روسيا باتجاه أفريقيا، انطلاقا من ليبيا.
ومن المستبعد أن يغامر أي طرف داخل ليبيا أو السودان، بإثارة غضب واشنطن، من خلال تقرب مبالغ فيه من الجانب الروسي.
وتؤكد غازيني أن حفتر “يتعرض لضغط من الأمريكيين حتى يقطع علاقته بالروس. ولا يحاول اتخاذ خطوات إضافية تكشف عن مزيد من التقارب مع موسكو. كما أن حميدتي، كذلك، حريص على الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع واشنطن”.
في المقابل، يرى الزيات أن ما يحدث في السودان “فرصة ذهبية لحفتر كي يعضد مركزه السياسي والعسكري على الساحة الدولية”.
ويضيف أن القائد الليبي يدرك جيدا “أن الولايات المتحدة والدول الغربية لا ترحب به كثيرا. وربما يحاول أن يبعث للغرب رسالة مفادها: إذا أردتم أن تمنعوا تدفق السلاح الروسي إلى السودان، فلتجلسوا معي نتفاوض بشأن ما يمكن أن تقدموه لي في ليبيا”.
وفي وقت يخشى فيه كثيرون من أن يتعقد الصراع الليبي بسبب السودان، بدأت مخاوف جديدة تطل برأسها، فهناك قلق من أن يتجه السودان نحو السيناريو الليبي، ليسقط فريسة لقوتين شبه متعادلتين، تتقاسمان البلاد وتتناحران بشكل مستمر.