في ليلةٍ مَخاضِ أُمكَ بِكَ كان والِدُكَ وحاشيته
بِجَانِبِ رأسِ أُمِكَ، تُطَبطِبُ كَفوف ايديهُم على رَأسِها ..
بينما في ليلةِ مخاضِ أمي بِي، كان أبِي في إحدى ساحات الحرب العبثية، أنا وأمي في صراع مع حيسة المغامرةَ المؤلمةَ..!
أمي تترجى ألم عسر الولادة بأن يعفو عنها الا إن تناهيد الألم أبت إلا ان ترتص مع بعضها لتصنع أعمدة المشنقة
أنا الحبل وأمي الضحيه ..!
…
لم تَخُض بي أمي على لحاف ناعِمِ المَلمسِ
بل على فناء دارنا الطيني ..
بينما أنت خاضت بك أُمكَ على أجود أنواع الأنسجة التي أتقنت الآلات غزلها ..!
في ذلك الوقت كُنتُمَا أنتَ وأمُكَ بينَ طوق الطاقمِ الطبي ..
حتى إبهام قدم أمك اليسرى متصل بجهاز مراقبه، أجهزة التدفئة تغشاكم، وامواج السوائل تُغذيكم ..!
…
لكن في الليلة التي اقبلت فيها أنا على الحياه الدنيا، تراكمت السحاب في السماء مُرحّبةُ بي، كل واحدة منهن تريد ان تهطل زخات فرح، ليحدث الصراع بينها، موّلدة تلك الأمطار وصرخات الهزيم ..!
تمرغ إنفي في تراب الدار المختلط بزخات الأمطار، كانت أول عملية شهيق لي في عجينةِ الوطن .
لتذهب تلك السيالات العصيبة تتراقص طرباً تُحِفُّها ملائكة الفرحه ..!
لِما تحمله من أعظم هدية إلى مركز الإدراك في الدماغ وهي
“رائحة هذا الوطن” .
…
لذلك أودُّ إبلاغك بإن الفرق كبير بيني وبينك ..
أنا هنا على حضن هذا الوطن أستظلُ تحت ظلال الطُهر والقداسة ..
كلما اشتهت شفتاي القُبل أُطأطأ رأسي إلى التراب لأقبِّل جبين هذا الوطن، خيراً لي من تقبيل راقصات الملاهي والأندية الليلية .