الصدارة سكاي /متابعات
تقف صناعة الطاقة الشمسية في الصين -على ما يبدو- مكتوفة الأيدي أمام مُعضلة السعة الإنتاجية الزائدة، ما يضع هذا القطاع الرائد عالميًا على مفترق طرق في الوقت الراهن على الأقل.
وتبرز الصين العمود الفقري لقطاع الطاقة الشمسية العالمية، بفضل صادراتها الضخمة من الألواح الشمسية، التي يعوّل عليها اللاعبون الرئيسون في تلك الصناعة الناشئة المتنامية بسرعة.
وتواجه صناعة الطاقة الشمسية في الصين موجة إفلاس عاتية إذا ما استمرت السعة التصنيعية على مستوياتها الإنتاجية الحالية الزائدة، حسبما أوردت شبكة “بلومبيرغ”، نقلًا عن بيان صادر عن أكبر شركة في ذلك القطاع بالبلد الآسيوي.
نصف شركات الصين في أزمة
قد يضطر ما يربو على نصف شركات الطاقة الشمسية في الصين إلى التخارج من تلك الصناعة الحيوية خلال الـ2-3 أعوام المقبلة بسبب السعة الإنتاجية المُفرطة، حسبما قال رئيس عملاقة الطاقة الشمسية الصينية لونغي غرين إنرجي تكنولوجي كو، لي تشنغ قوه.
وأوضح لي تشنغ قوه، أن “تلك الشركات التي ستتضرر أولاً هي التي لم تُجهز نفسها بكفاءة”، في تصريحات أدلى بها على هامش معرض “سنيك بي في باور إكسبو” الذي انطلقت فعالياته في شنغهاي.
وأضاف تشنغ قوه، أن الشركات التي تعاني أوضاعًا مالية ضعيفة، ولا تمتلك سوى القليل من التكنولوجيا، ستكون الأكثر عُرضة للخطر.
الطاقة الشمسية العالمية
تشهد سوق الطاقة الشمسية العالمية نموًا بوتيرة سريعة، مع توقعات بتزايد التركيبات بنسبة 36% خلال العام الجاري (2023)، إلى 344 غيغاواط، وفقًا لتقديرات أفرجت عنها بلومبرغ.
إلا أن المصانع تنمو بوتيرة سريعة، فعلى سبيل المثال تشهد خُطوة واحدة في سلسلة الإمدادات -إنتاج مادة البولي سيليكون التي تُعد مكونًا رئيسًا في تصنيع الألواح الشمسية- ارتفاعًا في السعة الإنتاجية، بما يكفي لتوليد 600 غيغاواط خلال عام 2023، حسبما قالت المحللة في “بلومبرغ” جيني تشيس، خلال عرض تقديمي ألقته في معرض “سنيك” أوائل الأسبوع الجاري.
وأردفت تشيس: “سيكون هناك انهيار في الأسعار، وسينتج عنه ضرر، ومن المحتمل أن تشهد صناعة الطاقة الشمسية في الصين موجات إفلاس جماعية”.
مخاوف غير مُبررة
في المقابل، عارض آخرون المخاوف الناجمة عن السعة الإنتاجية المُفرضة التي تعيشها صناعة الطاقة الشمسية في الصين.
وفي هذا الصدد، قال عضو المجلس التنفيذي لمجتمع بحوث الطاقة في الصين، لي جون فنغ: “هؤلاء هم قادة الصناعة، هم متراصون في خطوط المواجهة، وهم -أيضًا- يعلمون سمات هذه السوق أفضل من غيرهم”.
وتتأهب لونغي -أكبر شركة طاقة شمسية في العالم من حيث الرأسمال السوقي- جيدًا لمواجهة التحدي المقبل، عبر اتخاذ قرارات حذرة تتعلق بالاستثمارات، والتدفقات النقدية الكافية، وفق تصريحات رئيس عملاقة الطاقة الشمسية الصينية لونغي غرين إنرجي تكنولوجي كو، لي تشنغ قوه، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
في غضون ذلك، تُخطط لونغي غرين إنرجي تكنولوجي كو -أيضًا- للتوسع من توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية إلى تقديم مزيد من الخدمات إلى عملائها، بُغية تقليص الاعتماد على هوامش المصنع، وفق تشنغ قوه.
وعلى وقع تحذيراتها من وقوع موجات إفلاس في صناعة الطاقة الشمسية في الصين، هبطت أسعار الأسهم في لونغي غرين إنرجي تكنولوجي كو بنسبة 2% خلال تعاملات اليوم الخميس 25 مايو/أيار (2023).
صادرات الطاقة الشمسية
واصلت صادرات صناعة الطاقة الشمسية في الصين نموها، مع تزايد الطلب من المستهلكين والمطورين العالميين، في حين ستستمر هيمنة بكين -على الأرجح- على هذا القطاع، وفقًا لدراسة حديثة أعدتها مؤسسة “وود ماكنزي”.
وفي العام الماضي (2022)، قفزت إيرادات صادرات الطاقة الشمسية في الصين بنسبة 64% إلى ما إجمالي قيمته 52 مليار دولار أميركي، بفضل أسعار الكهرباء المرتفعة نتيجة لأزمة الطاقة.
ويميل المستهلكون والمطورون من كل أنحاء العالم إلى شراء مزيد من الألواح الشمسية من الصين لخفض التكاليف.
وخلال المدة من عام 2018 إلى 2021، زادت إيرادات صادرات الطاقة الشمسية في الصين من 15 مليار دولار أميركي إلى 32 مليار دولار أميركي.
وقال مدير الأبحاث في وود ماكنزي أليكس وايتورس، إن التوترات التجارية تبرز سببًا رئيسًا لارتفاع أسعار الكهرباء.
أنواع الألواح الشمسية
تطرقت الدراسة -أيضًا- إلى حجم صادرات الطاقة الشمسية في الصين من حيث نوع الألواح الشمسية، مشيرة إلى أن حجم تلك الصادرات قد قفز من 108 غيغاواط إلى 154 غيغاواط في عام 2021، بنمو نسبته 42%.
وأوضحت وود ماكنزي أن الألواح الشمسية في الصين أرخص بـ57% عن نظيرتها في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بدعم من تكاليف الطاقة المنخفضة، والدعم الحكومي، ما يُعد ميزة تنافسية في التكلفة مقارنة بالأسواق الأخرى.
وفي المقابل لم تتسم الألواح الشمسية في أي من الولايات المتحدة الأميركية أو الاتحاد الأوروبي بالقدرة التنافسية دون دعم.
وارتفعت صادرات الألواح الشمسية في الصين، من 11 غيغاواط في عام 2021 إلى 24 غيغاواط في عام 2022.
كما زاد حجم صادرات رقائق الألواح الشمسية من 29 غيغاواط في عام 2021 إلى 41 غيغاواط في عام 2022، بزيادة نسبتها 44%.
ولم تتجاوز تكلفة تصنيع الألواح الشمسية المحلية في الصين العام الماضي (2022) 0.24 دولارًا أميركيًا/واط، ما يقل كثيرًا عن نظيرتها في كل من الولايات المتحدة الأميركية (0.56 دولارًا أميركيًا/واط)، والهند (0.33 دولارًا أميركيًا/واط).
واقتربت تكلفة تصنيع الألواح الشمسية في جنوب آسيا من نظيرتها في الصين، مسجلة 0.26 دولارًا أميركيًا/واط.