الصدارة سكاي /متابعات
تتزايد الرهانات العالمية على الطائرات الهيدروجينية لتكون بديلًا لنظيرتها الأحفورية التقليدية، إلى جانب العاملة بالبطاريات والوقود الاصطناعي، مع التأكيد أن كل هذه التقنيات النظيفة مهمة للغاية لإزالة الكربون من قطاع الطيران العالمي المسؤول عن 2% من الانبعاثات المتعلقة بالطاقة، ورغم الآمال المعلّقة على الطائرات العاملة بخلايا وقود الهيدروجين أو الكهربائية العاملة بالبطاريات، فإن عمليات تطويرها ما زالت باهظة التكاليف.
ويقف ذلك عقبة أمام انتشار هذا النوع من الطائرات بسرعة حول العالم، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وأظهرت دراسة حديثة، نشرتها هيئة النقل والبيئة غير الربحية في بروكسل، أن تشغيل الطائرات الهيدروجينية في أوروبا قد يصبح أرخص من الطائرات الأحفورية بحلول عام 2035، ولكن بشروط معينة.
فرض الضرائب على الكيروسين
تشترط الدراسة الأوروبية فرض ضرائب كافية على وقود الكيروسين، المستعمل -حاليًا- في تشغيل الطائرات التقليدية حول العالم، إلى جانب الاعتماد على الهيدروجين الأخضر المنتج في أوروبا.
وترجّح الدراسة أن تقل تكلفة تشغيل الطائرات الهيدروجينية بنسبة 2% عن تشغيل الطائرات التقليدية بحلول 2035، إذا فُرضت ضرائب على وقود الكيروسين -قد تصل إلى 0.37 يورو (0.39 دولارًا) للّتر- إلى جانب زيادة سعر الكربون.
في المقابل، يمكن لتكلفة تشغيل الطائرات الهيدروجينية أن تزيد عن نظيرتها العاملة بالكيروسين بنسبة 8%، إذا استمرت خطط دعمها دون زيادة الضرائب على الطائرات التقليدية بحلول 2035.
وتُعدّ إجراءات التسعير والضرائب عاملًا محوريًا في خطط نشر التقنيات الخضراء بأوروبا، إذ لا تُتوقَّع زيادة القدرة التنافسية للصناعات المتجددة مع نظيرتها المستقرة منذ عقود، إلّا بهذه الطريقة أو ما يشابهها، حسب الدراسة.
تكلفة نشر الطائرات الهيدروجينية
مع دراسة تكاليف التشغيل المستقبلية لطائرات الهيدروجين داخل أوروبا، تبيَّن أنها قد تكون فعالة وتنافسية في إطار البدائل المطروحة لإزالة الكربون من قطاع الطيران.
ويوضح الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- توقعات خفض انبعاثات قطاع الطيران حتى 2030:
وقدّرت الدراسة التكلفة الإجمالية لنشر الطائرات الهيدروجينية داخل أوروبا بما يقرب من 299 مليار يورو (322 مليار دولار) بحلول 2050.
ولا يستحوذ تطوير الطائرات الهيدروجينية إلّا على 5% من هذه التكاليف، في حين تستحوذ مشروعات إنتاج الهيدروجين ونقله وخطوط الأنابيب وتهيئة المطارات وغيرها أغلب التكاليف المقدّرة بحلول 2050.
أغلب الإنفاق على إنتاج الهيدروجين
من المتوقع أن يبلغ الإنفاق اللازم للتوسع في إنتاج الهيدروجين الأخضر أكثر من 161 مليار يورو (172 مليار دولار)، ما يعادل 54% من الإنفاق الإجمالي المتوقع لنشر الطائرات الهيدروجينية (322 مليار دولار) بحلول 2050.
كما ستحتاج عمليات إسالة الهيدروجين إلى 23% من الإنفاق، وهي عملية تجرى عبر تبريد غاز الهيدروجين عند درجة حرارة منخفضة جدًا ليصبح سائلًا ملائمًا لتشغيل الطائرات.
ومن المتوقع -أيضًا- استحواذ تهيئة البنية التحتية للمطارات للتعامل مع الهيدروجين على 12% من الإنفاق الإجمالي، إضافة إلى 6% أخرى ستذهب لتطوير شبكات توزيع الوقود على المطارات.
وتُظهر الدراسة احتمال انخفاض التكلفة الإجمالية بمقدار 100 مليار يورو (107.6 مليار دولار)، إذا ظلت حركة الطيران المتعلقة بالترفيه والعمل عند مستويات 100% و50% على التوالي، مقارنة مع معدلات عام 2019، قبل وباء كورونا.
ومن المتوقع أن يكون انخفاض الطلب على رحلات العمل عاملًا رئيسًا في خفض انبعاثات الطيران، إلى جانب توفير التكاليف.
معضلة كثافة الهيدروجين
رغم الرهانات العالمية المتصاعدة حول الطائرات الهيدروجينية، فإن انتشارها يواجه عقبات تقنية كبيرة متصلة بخصائص الهيدروجين المختلفة عن الكيروسين.
ويتفوق الكيروسين على الهيدروجين السائل من حيث كثافة الطاقة التي ينتجها اللتر الواحد، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وتعني هذه المفارقة أن الطائرات الهيدروجينية ستحتاج إلى كميات أكبر من الهيدروجين السائل لقطع المسافة نفسها حال استعمال الكيروسين، ما يمثّل عقبة مستقبلية أمام هذه الطائرات.
ورغم هذه المعضلة، إلا فإن طائرات الهيدروجين ما زالت مرشحة بقوة لإزالة الكربون من قطاع الطيران المحلي، الذي يمثّل 50% من انبعاثات صناعة الطيران في أوروبا.
كما تواجه الطائرات الهيدروجينية تحديات متصلة بقدرات الشركات التي وعدت بإنتاجها، مثل إيرباص، على الوفاء بوعد إطلاقها في عام 2035، وسط خلافات حول المعايير مع الاتحاد الأوروبي.
إيرباص تعارض تصنيف الاتحاد الأوروبي
.
تعارض شركة إيرباص الفرنسية معايير تصنيف الاتحاد الأوروبي للاستثمارات المستدامة، التي لا تمنح ملصق استثمار أخضر إلّا للطائرات المحايدة كربونيًا بنسبة 100%.
ويختلف هذا التصنيف مع شركة إيرباص التي أطلقت 3 مفاهيم للطائرات الهيدروجينية، ما قد يؤخرها في طرح نماذج طائراتها للبيع التجاري إلى ما بعد 2035، لأسباب متصلة بالجدوى الاقتصادية، وفقًا للدراسة.
ويراهن الخبراء على تطوير تقنيات الهيدروجين وخفض الطلب لإزالة الكربون من صناعة الطيران، لكن ذلك كله مرهون بتنشيط حلقة الاستثمار.
المصدر: attaqa.net