الصــدارة سكــــاي: خاص
في الوقت الذي تتزايد فيه الأحاديث عن تحركات سعودية خفية في حضرموت، ومع ما يعززها ذلك من وجود رغبة سعودية قديمة للتوغل في المحافظة، وإقامة جسور علاقات اجتماعية وثقافية مع أبناء المحافظة؛ أثار المجلس الحضرمي الذي تم الإعلان عن تشكيله يوم أمس الثلاثاء العديد من التساؤلات عن مدى حدود الرغبة السعودية في بسط نفوذها في المحافظة.
ورغم أن لأبناء حضرموت مؤتمرًا جامعًا استطاع أن يجمع غالبية ألوان الطيف السياسي الحضرمي وتشكل قبل سنوات، تحت مسمى مؤتمر حضرموت الجامع، إلا أنه لم يحظى بدعم أو تأييد سعودي علني كما هو الحال بالمجلس الذي أعلن عن تشكيله يوم أمس، وهو الأمر الذي جعل مراقبون يتحدثون بأن الطريقة التي شكل بها الجامع، لم تعجب المملكة، حيث لم يتم تشكيله تحت جنح السفير ولم يتشكل بطلب منه برأي مراقبون.
قبل شهر تقريبًا وبالتحديد أواخر مايو الماضي، توجهت شخصيات حضرمية – على متن طائرة عسكرية – تضم شخصيات سياسية واجتماعية، يتقدمهم محافظ المحافظة إلى العاصمة السعودية الرياض، والتي جرى استبعاد المكونات والشخصيات الحضرمية التي تتفق مع المجلس الانتقالي الجنوبي، والتي وقعت معه على ميثاق الشرف الوطني الجنوبي، من حضور هذه المشاورات في الرياض، والاكتفاء بالقيادات المتصالحة مع الدعوات المطالبة بأن يكون لحضرموت تمثيلًا مستقلًا والمنسجمة مع فكرة القوى اليمنية المعادية للمجلس الانتقالي الجنوبي التي ترى ضرورة تحقيق هذا الطرح لكي تبقى حضرموت بعيدة عن الجنوب وقضيته، والتي يتربع على عرش المطالبين بها قيادات حزب الإصلاح أو القريبة منه.
على مدى الأيام اللاحقة، عقد الوفد الحضرمي برئاسة المحافظ “مبخوت بن ماضي” سلسلة مشاورات ونقاشات، وكان لافتًا الرعاية الرسمية السعودية، وحضور السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر شخصيًا فعاليات المؤتمر، فضلًا عن التغطية الإعلامية المكثفة لوسائل الإعلام السعودية، لهذا اللقاء الذي بدأ أولى جلساته بالتزامن مع حراكًا جماهيريًا نشطًا يقوم به المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت، ليس أقلها انعقاد جلسات الجمعية الوطنية للمجلس في المكلا عاصمة المحافظة، بالتزامن مع خروج مظاهرات مطالبة برحيل قوات المنطقة العسكرية الأولى.
تلك القوات الشمالية المتواجدة على منابع النفط ظلت بمنأى عن الصراع الجاري منذ ثمان سنوات، ومع تزايد المطالبات برحيل هذه القوات والضغط الشعبي المتزايد المطالب برحيلها، أثارت أنباء معززة بتصريح رسمية عن تولي قوات درع الوطن المشكلة سعوديًا لتولي المهام بدلًا عن قوات المنطقة العسكرية الأولى، ما يمثل – إن صحت تلك التصريحات – استغلالًا سعوديًا كانت محصلته جني المملكة لثمار أعوام من الانتفاضات والاعتصامات الشعبية المطالبة برحيل هذه القوات واستبدالها بقوات من أبناء المحافظة.
لم تبدِ الرياض أي موقف بخصوص التحركات الأخيرة للمجلس الانتقالي في حضرموت، لكن رعايتها لهذا اللقاء الحضرمي، وحشد سفراء الدول ومبعوثيها لحضور نقاشاته واللقاء بقياداته، بالتزامن مع حراك الانتقالي في المحافظة فُسِّر من قبل مراقبين على أنه تعبيرًا عن حالة عدم رضى من تحركات المجلس الانتقالي، وردًا عمليًا عليها، لكن آخرين رأوه استمرارًا لنهج قديم جديد تتبعه المملكة الساعية للاستفراد بالنفوذ في المحافظة، ومنع أي قوى محلية من السيطرة الكاملة عليها.
أطماع قديمة
لم تكن التحركات السعودية الأخيرة الداعمة لإيجاد كيان سياسي حضرمي وحدها من عززت القناعات بوجود رغبة سعودية في فصل حضرموت عن محيطها الجنوبي، بل يرى مراقبون بأن مشاورات مؤتمر الحوار الوطني اليمني الذي أقيم في صنعاء في العام 2013 والتي نصت مخرجاته على تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، واحدٌ منها يضم حضرموت وشبوة والمهرة، وكان ذلك الحوار قد دعمته السعودية وجاء نتاج المبادرة الخليجية (المبادرة السعودية بالضرورة) وأتت مخرجاته وفق مراقبون بتلقين سعودي وإمضاء يمني.
قبل هذا كانت المملكة قد سعت منذ وقت طويل لإقامة علاقات اجتماعية وثقافية وقبلية مع شخصيات حضرمية، ومنحت الجنسية لعدد كبير من التجار الحضارم الذين صار بعضهم من أبرز الساعين لعقد هذا اللقاء الحضرمي والمُنَظِّمين له، وصاروا حلقة وصل بين المملكة والفعاليات الشعبية في المجتمع الحضرمي، كما صار لأبناء المحافظة المتواجدين في المملكة امتيازات لم يحصل عليها غيرهم من أبناء المحافظات الأخرى.
استغلال لمشروعية الحرب والتدخل في اليمن