السفر الى سوريا بالذات دمشق ليس مجرد نزهة عابرة، لما للذكريات من وقع جميل محفور في القلب يصعب نسيانها. لأي زائر حديث العهد إلى دمشق أن يبدأ نزهته بزيارة اجمل أسواق دمشق، اسواقها كالصالحية والحميدية، وزيارة أبرز معالمها الأثرية مثل الجامع الأموي، وقصر العظم وقلعة صلاح الدين وقبر صلاح الدين وسوق مدحت باشا الشارع المستقيم و سوق الحريقة، وكنيسة حنانيا. للزائر الذي يقصد تلك المعالم بما فيها اجمل حاراتها القديمة ليعيش لحظات التاريخ والمجد لفرسان الثورات السورية خصوصاً في باب الحارة التي تحرص على الحفاظ على نكهتها المعمارية الدمشقية التي وجدت عليها، حتى ساكنيها يجاهدون للتمسك بنفس القيم التي كان عليها الاحرار الذين قاوموا الاستعمار الفرنسي، نفس صفات الشهامة والكرم والنبل، الجميع “ابضايات” لأنهم ينتمون إلى “الشام” وتنتمي “الشام” لهم. في مدينة دمشق القديمة التي لا تمثل سوى أقل من 5% من مساحة مدينة دمشق الجديدة. في دمشق القديمة توجد الكثير من الأحياء العريقة والأسواق والمساجد والكنائس والمدارس والشوارع المرصوفة والقلعة والسور الروماني، ومعالمها الأثرية يعود تاريخ بنائها إلى قبل الاف السنين، تحوي المكتبة الظاهرية. والمكتبة السليمانية وفيها المتحف الحربي وسوق تراثي ومهن يدوية ومسجد ومكتب عنبر وبيت جبري وبيت نظام الدين وقصر النعسان وساحة المرجة وغيرها. من شوارع وأسواق دمشق يتراءى أمام ناظريك جبل “قاسيون”، ولا يتوانى الجميع على حثك الى صعوده لحتى تستطيع القول انك زرت “دمشق” وعرفتها.. يهيمن جبل قاسيون بكل شموخ على مدينة دمشق، فهو يحرسها ويراقب تفاصيلها، يستمتع بجمالها يروي للأزمنة القادمة اساطير وملاحم مدينة عريقة تعد اقدم عاصمة في التاريخ.. جبل قاسيون المطل على دمشق يظهر من داخل المدينة إذ تستطيع رؤيته من الشوارع وحتى من الأزقة وبعض المنازل الشاهقة.. عندما تقف على قمة جبل قاسيون تدهشك اللوحة الجميلة التي تشكل مدينة دمشق، والاكثر سحراً وابداعا هي تلك اللوحة التي ترسمها أبنية حي المهاجرين في عناق أبدي بين المساجد والكنائس. يطول المكوث على الجبل ويمضي الوقت بسرعة دون أن تشعر فالعين لم تشبع بعد من النظر صوب المدينة الجميلة.. في قاسيون وقف قادة الاسلام الفاتحين، وسكن على سفح الجبل قدامى العرب من شعراء وملوك وغيرهم.. على الجهة الأخرى جهة الشرق من سفح جبل قاسيون مغارة يطلق عليها مقام الأربعين، وللوصول إليها يمكنك صعود درج تتألف من أكثر 650 درجة وفي نهاية الدرج تصل الى مغارة الأربعين التي كان يطلق عليها مغارة الدم، حيث تشير الاساطير القديمة إلى أن الجبل فتح فمه بسبب وحشية الجرم الذي ارتكبه قابيل وحاول ابتلاعه عندما قتل أخيه هابيل، وتضيف الاساطير أن الجبل الجبل كان يبكي وتسيل دموعه حزنا على هابيل ولايزال يقطر حتى الآن. وبقي لون الدم على الصخرة التي قتل عليها هابيل ظاهرا باديا. في سقف المغارة علامة لأصابع يد قالوا إنها أصابع سيدنا جبريل عليه السلام، حينما أمسك السقف حتى لا يقع على قابيل القاتل.. وفوق المغارة أقيم مسجد، يضم أربعين محرابا، بناه الوالي العثماني أحمد باشا عام 1599م. روايات كثيرة متعددة منها رواية تحكي ان هناك أربعين ولي يحمون مدينة دمشق ويسكنون المغارة. مغارة أخرى قريبة من المكان تسمى مغارة الجوع، قيل إن الأنبياء والمتعبدين كانوا يلوذون إليها للتقرب من الله.. وبالقرب من المغارتين، يوجد كهف أطلق عليه كهف جبريل، يعتقد الجميع بأنه الكهف الذي ورد ذكره في القرآن الكريم وحمل قصة اهل الكهف. ولبلوغ الجبل عليك المرور بمرتفع يسمى الربوة التي يعتقد بأنها المكان الذي ورد ذكره في القرآن الكريم، في قوله تعالى: (وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين) اي عن السيدة مريم وطفلها عيسى عليهما السلام.. وفي المكان الذي يعلو الربوة توجد قبة تسمى قبة السيار، التي تنسب للأمير سيار الشجاعي، أحد أمراء المماليك. سمي جبل «قاسيون» بهذا الاسم بسبب طبيعته القاسية، حيث قسا، فلم تنبت الأشجار على سفوحه وقممه، حسب ما تشير إليه كتب التاريخ. بينما رواية أخرى ذات طابع ديني تقول إنه سمي قاسيون “لانه قاس لم يسمح بأن تؤخذ منه الأصنام”، ورواية أخرى تربط تسميته بأسطورة مقتل هابيل على يد أخيه قابيل.. وكان جبل «قاسيون» يحمل اسماء أخرى منها جبل الصالحية، وجبل دير مران، جبل الأنبياء وجبل الشام وجبل التين وجبل دمشق، لكن جميع الأسماء تماهت امام شهرة إسم قاسيون الذي لصقت بالجبل.