عند التفكير في تأثير تلوث الهواء على الجسم، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو مرض الرئة. لكن الأدلة العلمية المتزايدة تشير إلى أن الهواء الملوث يضر جميع أنحاء الجسم. وفي الواقع، تقدر منظمة الصحة العالمية أن ما يقارب سبعة ملايين شخص يموتون قبل الأوان كل عام من مجموعة من الحالات التي يسببها سوء الهواء. وفي دراسة حديثة نُشرت في مجلة Lancet Planetary Health بحثت في البيانات عبر عقدين من الزمن وفي 100 دولة، أظهرت النتائج وجود صلة بين ارتفاع نسبة تلوث الهواء وزيادة مقاومة مضادات الحيوية. ووفقا للبروفيسور فرانك كيلي، رئيس قسم صحة المجتمع والسياسة، في إمبريال كوليدج لندن، فإن جسيمات الهواء الملوثة الفائقة الدقة تسبب تلفا في “كل عضو في الجسم تقريبا. وبمجرد وصولها إلى الرئتين، تتسرب إلى مجرى الدم وتنتقل إلى أجزاء أخرى من الجسم وتتسبب في الفوضى”. وتكشف إيزابيل شو عما نحتاج إلى معرفته بشأن ضرر الهواء السيئ على أجسامنا وما يمكننا فعله لحماية أنفسنا. القلب سبب الوفاة الأكثر شيوعا من جراء تلوث الهواء هو أمراض القلب. ويقول البروفيسور ديفيد نيوباي، أخصائي أمراض القلب في جامعة إدنبرة: “تنتقل هذه الجزيئات الدقيقة عبر مجرى الدم فتتوقف الأوعية الدموية عن الاسترخاء والتقلص، ما يزيد من خطر الإصابة بالجلطات والسكتات الدماغية والنوبات القلبية”. ووجدت دراسة أجرتها كلية الطب في ولاية بنسلفانيا الأمريكية أن تلوث الهواء يزيد من مخاطر عدم انتظام ضربات القلب (اضطراب نظم القلب)، حتى عند المراهقين الأصحاء. ويقول البروفيسور نيوبي إن الأشخاص الأصغر سنا الذين ما تزال أجسامهم تنمو، وخاصة الأطفال الصغار، هم أكثر عرضة للخطر، ليس فقط لأنهم أقرب إلى عوادم السيارات، ولكن جرعاتهم النسبية من تلوث الهواء أكبر بالنسبة لحجمهم، لذلك هم أكثر تضررا من البالغين”. البنكرياس يقول البروفيسور ديفيد سترين، الخبير في صحة القلب من جامعة إكستر، إن تلوث الهواء يمكن أن يسبب مرض السكري عن طريق التسبب في التهاب ضار في الجسم. ويشرح: “مناعتك تحاول التخلص من الجزيئات الدقيقة التي تجدها في مجرى الدم كما تفعل مع البكتيريا. والمشكلة هي أن جزيئات تلوث الهواء لا تتحلل بالطريقة التي تتحلل بها البكتيريا والفيروسات”. ويضيف البروفيسور سترين: “بدلا من ذلك، يبقى تلوث الهواء الالتهابي في الأوعية الدموية، ما يجعلها أضيق. وهذا يعني أن الدم لا يستطيع نقل الإنسولين في جميع أنحاء الجسم بشكل صحيح، وبالتالي ينتج الجسم المزيد من الإنسولين، ما يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري”. المخ وجد باحثون في جامعة كاليفورنيا سان دييغو أن تلوث الهواء يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالخرف. وتعمل الجسيمات PM2.5 على تسريع ظهور الحالة المنهكة لعقود. وجسيمات PM2.5 صغيرة جدا بحيث لا يمكن للعين رؤيتها أو ترشيحها بالأنف، ويمكن أن تأتي من انبعاثات المرور ومواقد الغاز والعفن. إنها تضر بالدماغ، لكن الخبراء ليسوا متأكدين بعد من كيفية حدوث ذلك. ويقول الدكتور جيل ليفينغستون، الطبيب النفسي في كلية لندن الجامعية: “إحدى النظريات الكامنة وراء هذا الارتباط هي أن الجسيمات الدقيقة تسبب تراكم بروتينات غير طبيعية في الدماغ”. ويمكن أن تقتل هذه الترسبات الخلايا، ما يجعل من الصعب على الدماغ العمل بشكل صحيح، ما يزيد من خطر الإصابة بالخرف وغيره من المشكلات الإدراكية. ووجدت دراسة فرنسية، نُشرت في مجلة Alzheimer’s And Dementia Journal، أن انخفاض التعرض لتلوث الهواء أدى إلى تقليل حالات الخرف بنسبة 15% بين مجموعة الاختبار. الرئتين يمكن أن يؤثر التعرض لتلوث الهواء في الحياة المبكرة على نمو الرئة الطبيعي. ويقول البروفيسور ستيفن هولغيت، خبير أمراض الجهاز التنفسي في جامعة ساوثهامبتون: “الأطفال المعرضون لمستويات عالية سيكون لديهم رئتان أضعف، ما يجعلهم عرضة للإصابة بالتهابات مثل الالتهاب الرئوي، وحالات مثل الربو، وفي وقت متقدم من العمر، مرض الانسداد الرئوي المزمن”. ويرتبط الهواء الملوث بواحدة من كل عشر حالات من سرطان الرئة. وأوضح البروفيسور تشارلز سوانتون، من مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة: “قد يكون خطر الإصابة بسرطان الرئة من تلوث الهواء أقل من مخاطر التدخين (السبب الرئيسي للمرض)، ولكن في جميع أنحاء العالم يتعرض المزيد من الناس لتلوث الهواء الذي هو خارج سيطرتهم تماما”.