تعرضت قوة خاصة إسرائيلية ليلة 5 سبتمبر 1997 إلى كمين بعد نزولها جنوب ميناء صيدا اللبناني ومحاولة تسللها على الداخل، مأ أدى إلى ما وصف بأسوأ هزيمة للجيش الإسرائيلي منذ 12 عاما.
تلك القوة الخاصة الإسرائيلية التابعة لوحدة “شايطيت 13” التي تعد نخبة سلاح “الضفادع البشرية” وكانت تتكون من 16 عنصرا، قوبلت بكمين من العبوات الناسفة والنيران الكثيفة من قبل مقاتلي جزب الله والجيش اللبناني، ما أدى إلى مقتل 12 من أفرادها بما في ذلك قائد المجموعة المقدم “يوسي كوراكين”، وإصابة أربعة آخرين. الكومندوز الإسرائيلي نزل حينها شمال مدينة صور اللبنانية الساحلية وكان محملا بالمتفجرات في عملية لم يكشف عن هدفها. فيما كان أفراد القوة البحرية الإسرائيلية الخاصة يسيرون متسترين بالظلام، فوجئوا بالقرب من بلدة الأنصارية بكمين من الألغام وبوابل من الرصاص، فسقط معظم أفراد المجموعة قتلى، وحوصر من بقي منهم حيا، فطلبوا النجدة والدعم الجوي والبحري، ونشبت معركة بالأسلحة النارية استمرت ثلاثة ساعات قبل أن يتم انتشال جثث 11 من أفراد الكومندوز، وإجلاء أربعة جرحى تم نقلهم بطائرة مروحية إلى مستشفيات في شمال إسرائيلي. الجندي الثاني عشر القتيل لم تتمكن القوات الإسرائيلية التي هرعت للنجدة من العثور عليه، وقيل إن عبوات ناسفة كان يحملها على ظهره انفجرت وحولته إلى أشلاء. وسائل إعلام إسرائيلية نقلت في ذلك الوقت عن الطبيب دانيال موشيه، الذي تولى استقبال القتلى والجرحى في مستشفى الجليل الغربي في نهاريا قوله: “لم أر شيئا كهذا منذ 20 عاما”. أما الجيش الإسرائيل فقد ذكر في تلك المناسبة أن القوة فيما كانت في طريقها لتنفيذ “مهمتها” تعرضت لعبوة ناسفة قوية ولإطلاق نار من مقاتلي حركة أمل وحزب الله، وأن قوة إنقاذ من المروحيات والسفن الحربية انضمت إلى معركة استمرت حتى الفجر. وقامت قوة الإنقاذ بإجلاء القتلى والجرحى والبحث عن جندي، عد في ذلك الوقت مفقودا. القتال في المنطقة ألحق خسائر بالمدنيين اللبنانيين، وتحدث الجيش اللبناني عن مقتل امرأة وفتاة، كما أصيب ستة مدنيين لبنانيين آخرين بالقرب من بلدة الأنصارية، وأصيب أيضا ستة مقاتلين وأحد أفراد الجيش اللبناني. القادة العسكريون الإسرائيليون نفوا أن تكون القوة الخاصة الإسرائيلية قد اكتشفت مسبقا وتعرضت لكمين، وفي إثرهم سوّقت تقارير إعلامية إلى رواية تقول إن الصدفة جمعت أفراد القوة الإسرائيلية بالمقاتلين، وقد يكون ذلك أدى إلى تفجير العبوات الناسفة التي كان يحملها الإسرائيليون! لم يكشف الجيش الإسرائيلي ماذا كانت تفعل قوة كوماندوز بحرية تعد الأكثر شهرة في الجيش الإسرائيلي داخل لبنان، في حين رأى زعيم حركة أمل نبيه بري، أن القوة الخاصة البحرية الإسرائيلية كانت تنوي تفجير مقر حركة أمل في بلدة الأنصارية. بمقتل 12 عسكريا من وحدات النخبة بالجيش الإسرائيلي، ارتفعت خسائر الإسرائيليين إلى 864 قتيلا، منذ فرضهم منطقة عازلة بعمق 9 أميال على طول الحدود في جنوب لبنان عام 1982. ذلك الفشل العسكري الذريع الذي حاول الإسرائيليون في العلن التقليل منه وإرجاعه إلى الصدفة، تسبب في نقاش حاد في اجتماع بالمناسبة لمجلس الوزراء الإسرائيلي، ونقلت قناة 2 الإسرائيلية عن وزير البنية التحتية أرييل شارون الذي قاد عملية غزو واحتلال لبنان في عام 1982، دعوته إلى أن تتجنب إسرائيل تنفيذ مثل هذه العمليات الخطيرة، وتقوم بدلا من ذلك بضرب البنية التحتية المدنية التي يستخدمها المقاتلون اللبنانيون! موقع “Spec Ops Magazine” المتخصص في الشؤون العسكرية وصف في مارس عام 2022 “كمين الأنصارية” بأنه أكبر إذلال عسكري لإسرائيل في لبنان منذ عام 1985، وأكثر معركة دموية لوحدة النخبة الإسرائيلية “شايطيت”. الموقع ذاته راي أيضا أن ذلك الكمين كان أكثر عمليات حزب الله الاستخباراتية تدميرا على الإطلاق، وأرجع الهزيمة في “كين الأنصارية” إلى “خيانة من قبل عميل لبناني مزدوج”.