دخل رائد في قوات المظليين الألمانية النازية التاريخ العسكري بقيادته عملية كبرى أسفرت عن إنقاذ الدوتشي بينيتو موسوليني بعد الإطاحة به واعتقاله في انقلاب داخلي عام 1943.
بحلول صيف عام 1943، كانت القوات النازية الألمانية والفاشية الإيطالية تتجرع مرارة الهزيمة في الاتحاد السوفيتي وتتراجع في مختلف الجبهات، مأ أدى إلى حدوث تململ شديد في قمة الحزب الفاشي في إيطاليا أفضى إلى إزاحة المجلس الفاشي الكبير موسوليني عن السلطة، وقام باعتقاله في 24 يوليو.
بالتزامن مع ذلك، شرعت الحكومة الإيطالية الجديدة بقيادة المارشال بيترو بادوليو في إجراء مفاوضات سرية مع البريطانيين والأمريكيين دارت حول تسليم موسوليني وانسحاب إيطاليا من الحرب.
على الرغم من أن موسوليني كان في ذلك الوقت بمثابة “جثة سياسية”، إلا أن زعيم النازية الألمانية أدولف هتلر جن جنونه، وقرر تخليص حليفه من الاعتقال ومحاولة إعادته إلى السلطة في بلاده.
تمكن الألمان من معرفة مكان اعتقال الدوتشي السري حين اعترضوا بالصدفة رسالة لاسلكية وعرفوا من محتواها أن موسوليني المعروف بـ “الدوتشي” وتعني القائد، محتجز في فندق “ألبيرجو روفيجو” الفخم على جبال أبروتسي شمال روما.
هذا الفندق كان معزولا تماما وكان في منطقة نائية يبلغ ارتفاعها 2130 كترا فوق سطح مستوى سطح البحر ويخضع لإجراءات أمنية مشددة، وأن الزعيم الفاشي المُطاح به كان ينقل قبل ذلك بانتظام من مكان إلى آخر.
أوكل هتلر المهمة لرائد في قوات النخبة يدعى أوتو سكورزيني، وكان يعرف بتهوره الشديد وبحبه للمغامرة وبأنه “أخطر رجل في أوروبا”.
اختار سكورزيني مفرزة من 90 مظليا وقرر استعمال طائرات شراعية خفيفة لا يمكن رصدها، وتخصيص طائرة من طراز “فيسيلر فاي 156 ستورش” لنقل موسوليني بعد إنقاذه.
استولت القوة الألمانية المححمولة جوا في 12 سبتمبر 1943، على خط سكة حديد يمتد من الوادي إلى أعلى منحدر جبل شديد الانحدار، حيث كان يحتجز موسوليني، لضمان عدم وصول أي تعزيزات إيطالية قد ترسل لإجهاض عملية الإنقاذ.
هبط مظليو سكورزيني بدقة بالقرب من الفندق، وتمت مفاجأة حراس موسوليني وأخذهم على حين غرة فوقعوا في الأسر سريعا، ثم وصلوا إلى الدوتشي وكان مذهولا ومنهكا ودفعوا به إلى الطائرة التي كانت تنتظره.
جلس الرائد سكورزيني بجانب موسوليني، وانطلقت الطائرة بوزن تجاوز قدرتها، وكادت أثناء إقلاعها أن تتحطم بقرب جرف، لكن الطيار تمكن من استعادة التوازن في اللحظة الأخيرة، وهبط بأمان في مطار تابع لسلاح الجو الألماني، ومن هناك استقل موسوليني قاذفة قنابل من طراز “هيكل – 111″، في رحلة أوصلته إلى هتلر في “وكر الذئب” في شرق بروسيا.صدم الزعيم النازي برؤية حليفه الفاشي وقد تبخرت كل عجرفته وحيويته المسرحية وبات شبحا بائسا ولاجئا مطاردا.
نصب النازيون موسوليني زعيما على كيان صوريا في بلدة “سالو” على بحيرة على بحيرة “غاردا” بشمال إيطاليا، إلا أن أيام الدوتشي كانت معدودة، وكان الانهيار مؤكدا ولا رجعة عنه حتى للنظام النازي نفسه.
لم يبق أمام موسوليني أي أمل ولذلك حاول الهرب في أبريل من عام 1945 إلى سويسرا مع عشيقته كلارا بيتاتشي، إلا أنه وقع في قبضة خصومه وقبض عليه ليموت وعشيقته رميا بالرصاص في قرية على بحيرة كومو في منطقة لومبارديا في شمال البلاد.
أما الرائد أوتو أوتو سكورزيني الذي يمكن القول إنه نفذ عملية إنقاذ جريئة لكنها شكلية ومن دون أي قيمة عملية، فقد انتهى به المطاف إلى الاستسلام للأمريكيين في سالزبورغ عام 1945، وبقي سجينا لفترة من الوقت ثم جرت محاكمته بتهمة قتل سجناء أمريكيين وتبرأته مع إبقائه في السجن.
الأمريكيون أطلقوا سراح هذا الضابط النازي الشهير بعد أن وافق على التعاون مع الاستخبارات الأمريكية وتسليم العديد من النازيين السابقين.