يتصوّر بعضهم ان السيناريو الامثل (التوصل إلى اتفاق شامل- تحت ضغوط دولية وإقليمية- يضع حداً للحرب والصراعات السياسية والعسكرية، ويؤسس لمستقبل جديد بتوافق القوى السياسية اليمنية الفاعلة، مع إقرار معاهدات وقوانين ولوائح جديدة للتعامل مع وضع ما بعد الحرب، مع النظر بعين الاعتبار لكافة الظروف والملابسات التي قادت إلى الحرب وساهمت في إطالة أمدها، ووضع المعالجات والحلول القانونية المناسبة، والتسليم بصلاحيات الأجهزة القضائية والرسمية – وحدها دون غيرها بالحسم في كل ما له صلة بالصراع وآثاره ونتائجه، وخضوع الجميع لمؤسسات الدولة المختصة واحترام القانون وأحكام القضاء، مع احتمال وقوع حوادث وردود فعل فردية غير ملتزمة بما تم التوافق عليه. وهذا السيناريو في الغالب سيكون مرتبطاً بالعوامل والظروف التي تخلق فيها، كما أنه سيكون متصلاً بالقوى والأطراف التي ترعى الاتفاق وتدعم المصالحة، ونجاحه يتوقف بدرجة رئيسية على ما يتوفر له من العوامل الذاتية والموضوعية، بالإضافة لارتباطه بمدى الجدية والرغبة لدى الفاعلين (اليمنيين) البارزين والأكثر تأثيراً في المشهد السياسي والعسكري)
يتخيل هذا الحل شماليون اما يوهمون الجوار او غارقون في الوهم باعطائها صبغة دراسات او كتابات وهي لا تلامس الواقع فالحوثي ليس في موقع من يقبل حلا كهذا ولانها تستبعد من طرحها قضية جنوبية ومقاومته وقواته وتضع افتراض وحيد للحل يطبخه الاقليم ويعيد تاهيل “نخب الفنادق” ويجعل منها مؤثرة ، ويكون فرضه والقبول به على قول المرحوم حسين الكبسي : “ما قاله الامام عليه التمام ، وما قاله اليوزباشي عليه ماشي!!! ” فاستثناء الجنوب من تصوّر الحل اول سلم فشله مهما اصطنعوا من كيانات لتمرير حل كهذا لو افترضنا انه تم الالتفاف على الجنوب ، فلا توجد في الشمال قوى مؤثرة تستطيع ان توازن او تقلب المعادلة على الحوثي الذي اثبت انه الوحيد من الفاعلين في الشمال فإلى اي مدى سيتحقق سيناريوا كهذا!!؟
لا يهم ما يكتبه بن دغر او يغرد به باتيس او يثرثر به الارياني او يحامي به الشجاع ..الخ عن الخندق الواحد للدفاع عن الوحدة وسبتمبر والجمهورية ففي الشمال صار الحوثي امرا واقعا انهى الجمهورية والوحدة والتعددية الصورية ، ولن يقبل اي مشاركة سياسية او حزبية للقوى السياسية التي مازالت تظن انها فاعلة مهما كانت الضغوط حتى بسقف “مؤتمر ابو راس” ، والرهان على ان اهل الشمال سيتوحدون ضده بعد السلام رهان حالم خاسر اكثر منه رهان ياخذ العوامل التاريخية التي صنعت وتصنع العلاقة بين الزيدية واتباعها ، علاقة تاريخية لن يؤثر فيها “زامل قبيلي ” ولا “اغنية رعوي” ولا “تحليل خبير “، علاقة لن يؤثر فيها الا انشقاق هاشمي فقط كانشقاق الهاشميين عام 1948 ومن جراءه قتل للامام يحيى حميد الدين حين انقلب عليه جزء من العائلات الهاشمية ورغم فشل الانقلاب الا انه فتت ولاء الهاشميين فتآكل فجاء انقلاب 26 سبتمبر والعائلات الهاشمية مفككة وثاراتها مشتعلة ، ورغم ذلك قاومت حتى اوجدت حلا لشراكتها في جمهورية انقلاب 26 سبتمبر العصبوية بل جعلتها حاضنة لمشروعها حتى قامت بانقلابها في 21 سبتمبر
فهل الحالة بين العائلات الهاشمية موجودة الآن!!؟
طبعا لا ؛ فالهاشميون الان يعلمون ماذا يعني اختلافهم ويعلمون ان اي غزل اقليمي لتفكيكهم مجرد طعم سيؤدي لاجتثاثهم سياسيا ومذهبيا بل وجوديا ، فالحوثي ومعه الهاشميون جميعا في الشمال يؤسس مشروعه بعيدا عن العروبة وجمهورية سبتمبر وعن الوحدة وعن التعددية الصورية التي ظلت تاصيل افتراضي موجود ، واستحداث منصب “المرشد” حتى وان لم يعلن عنه رسميا اثبات لقول الشامي “ولنا اخوة كرام بفارس” ، بل انه باشر في اجتثاث المؤتمر الشعبي “قطاع ابو راس ” وبذلك يلغي التعددية الصورية التي ابقى منها “شعرة معاوية” الوحدوية والتي جاءت بعد عام 1990 ، وهو ليس من الغباء ان يكرر غلطة “عفاش” المميته بقبول اي تواجد حتى كتواجد “ابو راس ومؤتمره” سيفاوض ليكسب تنازلات ويتمرد ليفاوض لتحقيق مكتسبات اخري وهكذا!! وقد يصنع نظام تبادلية حكم على النموذج الايراني محكومة بالمرشد وسيجعل النظام السابق او ما يُسمى الشرعية ، تضمحل باضعافها بين لاءاته وضغط التحالف للخروج من المستنقع ما يعني ان الشرعية “حمار يحمل اسفار ” لشرعنة الحوثي وخروج التحالف من المستنقع ، فما بقي من اسس الحل الشامل الافتراضي الا ان الحوثي صنع ويصنع جمهوريته الامامية وستكون “صعدة اليمنية مثل قم الفارسية” ومن “قرح يقرح” وتكون كل القوى التي تساعده مثل “ناقة صالح” سيشرب لبنها ثم سيعقرها.