أثير في وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام القليلة الماضية جدلًا كبيرًا حول مشاركة اللواء عيدروس قاسم الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، في أعمال الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أن وصل ضمن الوفد الرسمي للجمهورية اليمنية الذي يترأسه رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي.
وإذ أن الزيارة والمشاركة في فعاليات انعقاد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة لأمم المتحدة رسميًا أتت ضمن وفد الجمهورية اليمنية برئاسة العليمي، وعلى اعتبار أن الزُبيدي نائبًا لرئيس مجلس القيادة، إلا أن حضور اللواء الزبيدي دون غيره من النواب الستة الآخرين لرئيس المجلس، واللقاءات التي أجراها الزبيدي في نيويورك أثار الكثير من الجدل وعلامات استفهام أطلقها ناشطون على السوشال ميديا تمحورت حول كون حضور الزبيدي لهذا الحدث الدولي الهام أمرًا عاديًا وطبيعيًا، أم انعكاس لتوجه جديد نحو الجنوب وقضيته.
هذا الجدل بدأ فور نشر أول صورة تظهر وصول العليمي بصحبة الزبيدي مطار …. وانقسمت آراء الناشطين في جنوب اليمن وشماله بين من يعتبر الأمر عاديًا جدًا وطبيعي أن يحضر الزبيدي بصفته نائبًا لرئيس مجلس القيادة، وبين من رأى في الخطوة قفزة كبيرة وإشارة لتوجه جديد نحو الجنوب وقضيته.
لاحقًا أجرى الزبيدي عددًا من اللقاءات مع مسؤولي عدد من الدول حملت لأول مرة طابع جنوبي بحت، وخلى مسمى الجمهورية اليمنية من هذه اللقاءات أكان ذلك على مستوى الحاضرين فيها أو حتى النقاشات التي أجريت.
آراء مقللة وأخرى معظمة لهذا الحدث
في الوقت الذي يقلل بعض الناشطين والمراقبين وغالبيتهم من أبناء شمال اليمن، من أهمية تواجد اللواء الزبيدي في الأمم المتحدة باعتبار ذلك طبيعيًا ضمن الوفد الرسمي لليمن، يرى آخرون عكس ذلك ويرون بأن الزيارة تكتسب أهمية سياسية كبيرة بالنظر لرمزية الزبيدي كزعيم جنوبي يصدح بالصوت الجنوبي دون غيره، فضلًا عن أهميتها بالنظر للقاءات التي أجراها الزبيدي مع مسؤولين في عدة دول دون حضور العليمي وبمشاركة الفريق الخاص المرافق للزبيدي، وهي المرة الأولى التي يشارك فيها جنوبي في اجتماعات هذا المحفل الدولي الهام منذ الأعوام الأولى التي تلت الوحدة اليمنية مطلع تسعينيات القرن الماضي.
وتحدث مراقبون بأن حضور الزبيدي لم يأتِ نتيجة رغبة شخصية من الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الذي شهدت العلاقات بينه وبين اللواء عيدروس الزبيدي فتور وتوتر في الفترة الماضية، وبدا واضحًا حجم الهوة بينهما- لتأتي الزيارة وهذا الحضور كتحصيل لتوجه إقليمي يسعى لفرض حضور الجنوب وقضيته في المحفل الدولي، خصوصًا بعدما تبددت كل آمال تخليص الشمال من سطوة الحوثيين وبروز الجنوب كضمان أمان وحيد لدول التحالف العربي وبالذات السعودية والإمارات. ويرى هؤلاء أن حضور الزبيدي برمزيته الجنوبية يُعد حدثًا هامًا وانعكاسًا لهذا التوجه، وتعزيزًا لحضور الجنوب وقضيته في المحافل العالمية.
سلسلة اجتماعات ولقاءات سياسية على هامش المشاركة باجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، أجرى اللواء عيدروس قاسم الزبيدي سلسلة لقاءات مع مسؤولين من عدة دول، تارة ضمن الوفد الرسمي للجمهورية اليمنية، وتارة بصفته رئيسًا للمجلس الانتقالي الجنوبي، وكان لافتًا اللقاءات التي أجراها الزبيدي مع مسؤولين من دول حديثة العهد ونقلت استقلالها قريبًا، وكانت تشبه إلى حد ما وضع الجنوب في نضاله لاستعادة دولته، كاللقاء الذي أجراه الزبيدي والوفد المرافق له مع رئيس جمهورية كوسوفو فيوزا عثماني سادريو، ووزير خارجية دولة جنوب السودان جيمس مورجان، ووزير خارجية تيمور الشرقية بنديتو دوس سانتوس فريتاس، ونائب وزير خارجية سلوفينيا صومئيل زبوجار، بينما أجريت لقاءات أخرى مشتركة بالملك الأردني عبدالله الثاني، وأمين عام جامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، ولقاء بوزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن ولقاء بوزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، ووزير خارجية الفلبين.
أهمية الزيارة من حيث التوقيت والمكان مما لا شك فيه بأن أي لقاءات سياسية في الوقت الحاضر تكتسب أهمية زمنية بالنظر لحالة المخاض العسير الذي تمر به العملية السياسية وجهود إحلال السلام في اليمن، حيث تجرى لقاءات مكثفة مع أطراف الصراع للوصول إلى صيغة مشتركة للسلام، وتلعب الأمم المتحدة دورًا مهمًا بهذا الخصوص إلى جانب الدول الفاعلة بالملف اليمني، ليكتسب هذا الحضور للواء الزبيدي في هذا التوقيت وفي “نيويورك” تحديدًا حيث تجرى اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة؛ يكتسب أهمية كبيرة بالنظر لعاملي الزمان والمكان. نقلة نوعية.. يرى الدكتور صالح محسن الحاج، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس الانتقالي الجنوبي، بأن هناك نقلة نوعية لقضية الجنوب حيث قال: كنا نتظاهر أمام الأمم المتحدة أما اليوم فنحن نتحدث عن قضية الجنوب وعن السلام العادل من داخل الأمم المتحدة.
تأكيد على الحق الجنوبي من على بعد أمتار من الأمم المتحدة
في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس، قال اللواء عيدروس الزبيدي، بأن المجلس الانتقالي الجنوبي سيف الأولوية لاستعادة دولة الجنوب في أي مفاوضات قادمة.
وتأتي التصريحات بعد أيام من اختتام محادثات تاريخية في الرياض بين المتمردين الحوثيين والمملكة العربية السعودية، التي تقود تحالفًا يقاتلهم منذ ثمان سنوات.. وقال: «أنا في نيويورك وعلى بعد أمتار من مقر الأمم المتحدة، ولا نطلب إلا ما ورد، بموجب القوانين التي وضعتها الأمم المتحدة وأسست عليها». “من حقنا العودة إلى حدود ما قبل عام 1990”.
وفي كلمة له أمام حشد جماهيري نظمته جالية أبناء الجنوب بالولايات المتحدة الأمريكية، أكد اللواء الزبيدي على “عزم الجنوبيين استعادة دولتهم دون نقصان، مشيرًا إلى أن الحق الجنوبي باستعادة الدولة غير قابل للنقاش وسيتم انتزاعه”. وبشر الزبيدي المحتشدين بقرارات حاسمة سيتم إثباتها على أرض الواقع.