في اليوم الرابع للحرب.. بدأت أسواق الغاز العالمية تشعر بتداعيات التصعيد الأخير في غزة، وتحديدا بعد إيقاف الإنتاج في حقل تمار القريب من حدود الصراع، كما هو الحال مع أسواق النفط. خبر إيقاف الحقل زاد وتيرة القلق في سوق الغاز الأوروبي، لترتفع الأسعار بأكثر من 17 بالمئة منذ الإثنين، أي أن صعود اسعار الغاز تجاوز حتى ذلك المسجل في أسواق النفط البالغ نحو 4 بالمئة على خام برنت. وصل إنتاج حقل تمار في العام الماضي إلى نحو 10.25 مليار متر مكعب، أي مايعادل 27 مليون متر مكعب يوميا، وهي كمية لا تبدو ضخمة للغاية في معادلة أسواق الغاز العالمية (0.2 بالمئة من إنتاج الغاز العالمي ونحو 1.5 بالمئة من معروض الغاز المسال في الأسواق العالمية). وتخطط إسرائيل لزيادة إنتاج الحقل بمقدار 6 مليارات متر مكعب سنويا بحلول عام 2026، أي رفع القدرات الإنتاجية للحقل بنحو 60 بالمئة من مستوياته الحالية.وأسهمت اكتشافات الغاز في دعم الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كبير، حيث حققت عوائد للحكومة بنحو 2.7 مليار دولار منذ عام 2004، وأسهمت في تعزيز استقلالية البلاد في مجال الطاقة. التأثير على الأسواق العالمية في الوقت الطبيعي، لم يكن إيقاف حقل للغاز بهذا الحجم أن يتسبب بإرباك في أسواق الغاز، إلا أن التطورات التي شهدتها هذه الأسواق في السنوات الماضية، من إيقاف لمعظم الغاز الروسي المتجه لأوروبا، واضطرار القارة العجوز للبحث عن بدائل بأي ثمن، جعل من أسواق الغاز أكثر هشاشة وأكثر تقلبا، حتى لو كان الأمر بكميات ليست بالضخمة. وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الغاز الأوروبية على إثر الخبر، إلا أن تأثير ذلك على وضع أسواق الغاز في أوروبا يبدو محدودا حتى هذه اللحظة، نظرا لأن التأثير الصافي لهذا الحقل على تحديد الأسعار في أوروبا، يقتصر على 50 بالمئة إلى 60 بالمئة، من القدرات الإنتاجية البالغة كما ذكرنا سابقا نحو 27 مليون متر مكعب، كما أن الطقس المعتدل المستمر في شمال وغرب أوروبا قلل من حدة المخاطر التي تواجهها هذه الأسواق. لكن في الوقت ذاته، وإذا ما استمرت تطورات الأحداث الجارية، فإن هذا سيقلل من قدرة القارة الأوروبية على التعامل مع أية أحداث أخرى غير متوقعة، مثل شتاء قارس، أو انقطاع الإمدادات من مناطق أخرى، الأمر الذي من شأنه أن يزيد احتمالات صعود أسعار الغاز الأوروبية، وفقا لبنك غولدمان ساكس. يصدر جزء من إنتاج حقل تمار إلى مصر عبر خطوط الأنابيب، والتي بدورها تصدره إلى أوروبا على شكل غاز مسال، مما قد يعني التأثير على قدرة القاهرة على استئناف صادرات الغاز المسال. بلومبرغ نقلت عن مسؤولين مصريين أن القاهرة تقيم تأثير هذا الإيقاف على خطط استئناف التصدير، بعد أن تسبب الإيقاف في هبوط واردات مصر من الغاز الإسرائيلي بنحو 20 بالمئة إلى 650 مليون قدم مكعبة يوميا. وكانت أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية، في أغسطس الماضي أنها سترفع حجم صادراتها من حقل تمار إلى مصر، لتصل إلى 3.5 مليار متر مكعب سنويا لمدة 11 عاما، أي بإجمالي يبلغ 38.7 مليار متر مكعب مع إمكانية لزيادة هذه الكمية إلى 44 مليار متر مكعب.