بكى باسندوه في يوم من الأيام، وضحكنا على دمعاته التي سالت، وقلنا: ما الذي يبكي هذا الرجل؟ ولم نكن نعلم أن البلاد تسير نحو منحدر خطير، وقعنا في جوفه وحفرته اليوم، ولم نكن نعلم أنه يبكي لحالنا اليوم الذي استشعره باستشعار السياسي والمناضل المجرب، بكى باسندوه وهو رئيس وزراء في تلك الفترة، وقلنا لقد بالغ الرجل في سفح دمعاته، بكى للوضع الذي وصلت إليه البلاد في عهده، فكيف لو جاء هذا الرجل في هذه المرحلة، ماذا عساه يفعل؟ هل سيبكي لحال البلاد، أم أنه سيصرخ؟ لم تكن دمعات باسندوه على ذلك الوضع الذي كنا فيه، ولكنه علم أن البلاد تهرول وبسرعة نحو المجاعة والفوضى، والبلطجة لهذا بكى ولكن للأسف لم يفهمه أحد، فها هو شهر ينقضي على عمر إضراب أربع جامعات حكومية في المحافظات المفحررة ولا نقول المحررة، ولكن هذه الحكومة لم تحرك ساكنًا، لم يبك العليمي ويلطم ولم يولول معين ويشق الثوب، فآه ما أعظم دمعات باسندوه التي لم نفهمها إلا بعد فوات الأوان.
نبكي اليوم على أطلال بكاء البكّاء باسندوه، فقد خرج اليوم المئات من أعضاء هيئة التدريس في جامعات عدن ولحج وأبين وشبوة، خرجوا ليصرخوا من وطأة هذه المرحلة، فقد كان خروجهم بداية الأمر بالعشرات وبصوت هادئ، أما اليوم فقد رأيت الشرر يكاد يتطاير من عيونهم، ويكاد غضبهم يقتلع تلك الخرسانات التي تحمي المنظمات الدولية التي لم تقدم لهذا البلد إلا مزيدًا من الجوع والدمار، وقفوا لعل هذه المنظمات تستشعر المعاناة الإنسانية التي يعاني منها منتسبو أربع جامعات حكومية، ولعلهم ينبهوا العليمي ومعين بأن الطوفان قادم.
اليوم الشعب يبكي على أطلال بكاء البكّاء باسندوه، ويقف اليوم منتسبو الجامعات على أطلال دمعات صادقة ذرفها الرجل الصادق باسندوه في يوم من الأيام، فأين الدكتور العليمي والدكتور معين ليذرفوا أمامنا دموعهم، ولو أننا نعلم أن دموعهم لن تنزل لأجل هذا الشعب المطحون، ولكنها ستنزل قريبًا إذا لم ينظروا لحال شعبهم وعلى رأسهم كل منتسبي الجامعات الحكومية.