مثلت ثورة الرابع عشر من أكتوبر الخالدة علامة فارقة في نضال شعب الجنوب ضد الاحتلال البريطاني، وأربكت حسابات المحتل الذي كان يمارس سياسة “فرق تسد” في إطار تعاطيه وتعامله مع قوى المجتمع السياسية والاجتماعية والمدنية والقبلية.
جثم الاحتلال البريطاني على أرض الجنوب أكثر من 129 عامًا، ذاق فيها شعبنا ويلات القمع والبطش والجبروت التي تمارسها سلطات وقوات الاحتلال وأعوانه على امتداد رقعة الجنوب فكانت تراكمات هذه الممارسات من العوامل الأساسية التي جعلت قوى الشعب الحية ترفع صوتها وتجابه الاحتلال بأشكال متعددة منها ماهو مدني وثقافي من قبيل تشكيل النقابات والمطالبة بالحقوق المدنية، ثم السياسية والدعوات للإضرابات والاحتجاجات كما هو حاصل في عدن، ومنها ماهو تمردات وانتفاضات شعبية وقبلية في مختلف مناطق الجنوب المترامية الأطراف التي تشكل الأرياف الجزء الأكبر منها.
هذا الرفض لسياسة المحتل نتيجة طبيعية للتطور التدريجي للوعي الشعبي خاصة في المدن وتعد عدن منارة وقبلة الوعي المدني الثوري في الجنوب، وهو ما تأثرت به المناطق الريفية بهذا القدر أو ذاك في المحميات الشرقية والغربية كما كانت تسمى آنذاك، كما ان هناك عدد من العوامل الأخرى التي أدت إلى تسارع الأحداث من خمسينيات ومطلع ستينيات القرن العشرين حيث تصاعد الرفض الشعبي لاسيما مع انطلاق قطار الثورات العربية التحررية وظهور المد القومي إثر نجاح وانتصار ثورة يوليو المصرية بقيادة جمال عبدالناصر ورفاقه من الضباط الأحرار.
تطور الوعي الثوري
لقد مهّد هذا الوعي المتصاعد لرفع وتيرة الرفض للاحتلال والرغبة الجامحة في التحرر والخلاص منه فبدأت الانتفاضات المسلحة بمهاجمة ثكنات جنود الاحتلال في كثير من المناطق القبلية في الشرق والغرب، وتصاعد في عدن العصيان المدني حيث شهدت عدن حوالي 30 إضراباً عمالياً في مارس 1956 حتى بلغت ممارسات الاحتلال حدًا لا يطاق مما أدى إلى اتساع رقعة الهيجان الشعبي وبدأت المقاومة المسلحة تتصاعد عن طريق هجمات محدودة تستهدف الاحتلال في أكثر من مكان وبدأت قوات الاحتلال بزيادة وتيرة القمع والاعتقال لأبطال العمل الفدائي والزج بهم في السجون، أعتقد المستعمر إن هذا التعسف والقمع سوف يرهب الشعب ويجبره على الرضوخ والاستكانة، لكن تقديراته قد أخطأت فكانت مفاجأة الاحتلال البريطاني بأن انطلقت شرارة الثورة والكفاح المسلح من قمم جبال ردفان بقيادة المناضل راجح بن غالب لبوزة الذي استشهد يوم 14 أكتوبر 1963 واستمر الكفاح المسلح أربع سنوات ليعم مختلف المدن والأرياف ولم يتوقف ذلك الكفاح البطولي الملحمي حتى نيل الحرية والاستقلال في الـ 30 من نوفمبر 1967.
الجبهة القومية
يرى كثير من الباحثين أن تأسيس الجبهة القومية مثل انعطافة مهمة في تاريخ النضال والكفاح المسلح الذي شهده اليمن الجنوبي ضد الاحتلال البريطاني كون المراحل التي مرت بها ولادتها وخروجها إلى النور لم تكن بالسهلة والبسيطة فقد أجادت وأتقنت قيادة الجبهة القومية العمل السري بعيدًا عن عيون مخابرات الاحتلال الذي يملك إمكانات هائلة تمكنه من اختراق أي تنظيم أو كيان.
وتشير البحوث والدراسات التاريخية إلى أن الجبهة القومية هي أكبر فصيل قاوم الاحتلال البريطاني وحظيت بشعبية كبيرة إلى جانب جبهة التحرير وعدد من الفصائل الأخرى التي تكامل فعلها الثوري والنضالي حتى طرد المحتل البريطاني يجر ذيول الهزيمة.
رأت الجبهة القومية إن الكفاح المسلح والثورة المسلحة أسلوبًا وحيدًا وفعالاً لطرد المستعمر، ففي منتصف عام 1963 عقد عدد من المنتمين لحركة القوميين العرب اجتماعًا تشاوريًا في محافظة تعز حضره كل من:( قحطان محمد الشعبي- فيصل عبداللطيف الشعبي- سلطان أحمد عمر- علي أحمد السلامي – طه أحمد مقبل – سالم زين محمد – نور الدين قاسم – عبدالباري قاسم- عبدالله الخامري – محمد صالح مطيع – عبدالرحمن محمد عمر). تمخض عنه تشكيل لجنة تحضيرية من الشخصيات والقيادات المشاركة فيه كان على رأسها قحطان محمد الشعبي، ثم تشكيل المجلس المركزي لقيادة الجبهة القومية من التالية أسمائهم:
1- قحطان محمد الشعبي – رئيسًا للمجلس المركزي
2- فيصل عبداللطيف الشعبي- مسؤولاً للشؤون التنظيمية
3- علي أحمد السلامي- مسؤول الشؤون المالية
4- طه أحمد مقبل- مسؤول الشؤون العسكرية
5- سيف أحمد الضالعي- مسؤول الشؤون الخارجية
6- سالم زين محمد- مسؤول الشؤون الإعلامية
7- جعفر علي عوض- نائب الشؤون التنظيمية
8- عبدالباري قاسم- نائب الشؤون المالية
وفي أكتوبر 1965م اضيف عبدالفتاح اسماعيل كونه أصبح المسؤول السياسي والعسكري في الداخل وقائد جبهة عدن.
وخلال نفس الفترة تلك فتحت جمهورية مصر العربية الشقيقة مكتبًا للجهاز العربي في محافظة تعز لدعم نضال شعب الجنوب ضد الاحتلال البريطاني.
وفي 19 أغسطس 1963 تم إعلان تأسيس «الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل» و تشكيل قيادة الجبهة من 12 شخصا، وانتخب المناضل قحطان الشعبي أميناً عاماً للجبهة القومية. وقد تكونت الجبهة من خلال اندماج سبعة تنظيمات سرية أعلنت إيمانها بالكفاح المسلح، وهي:
حركة القوميين العرب، الجبهة الناصرية في الجنوب المحتل، المنظمة الثورية لجنوب اليمن المحتل، الجبهة الوطنية، التشكيل السري للضباط والجنود والأحرار، وجبهة الإصلاح اليافعية (تشكيل القبائل)، ثم التحقت ثلاثة تنظيمات أخرى بالجبهة القومية، وهي: منظمة الطلائع الثورية بعدن، منظمة شباب المهرة، والمنظمة الثورية لشباب جنوب اليمن المحتل.
وفي أغسطس 1963 استقبل أبناء ردفان الثوار العائدين من اليمن الشمالي بقيادة غالب بن راجح لبوزة، بعد مشاركتهم في الدفاع عن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ضد النظام الإمامي.
بـداية الثــورة
انطلقت الشرارة الأولى لثورة الـ 14 من أكتوبر1963 ضد الاستعمار البريطاني، وذلك من جبال ردفان، بقيادة راجح بن غالب لبوزة الذي استشهد يومها بعد إشعاله فتيل الثورة وتفجيرها، وشنّت السلطات الاستعمارية حملات عسكرية غاشمة استمرت ستة أشهر، ضربت خلالها القرى والسكان الآمنين بمختلف أنواع الأسلحة، تشرد على إثرها آلاف المدنيين العزل. واتّبعت القوات البريطانية في هجماتها وغاراتها على مناطق ردفان سياسة «الأرض المحروقة»، وخلفت كارثة إنسانية فظيعة جعلت أحد أعضاء مجلس العموم البريطاني يدين تلك الأعمال اللاإنسانية.
وبعد حوالي شهرين من انطلاق شرارة الثورة المسلحة وتحديدًا في 11 ديسمبر 1963 صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي قضى بحل مشكلة اليمن الجنوبي المحتل وحقه في تقرير مصيره والتحرر من الحكم الاستعماري البريطاني.
وفي عام 1965 اعترفت الأمم المتحدة بشرعية كفاح شعب الجنوب طبقاً لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وفي 8 مارس 1967 أصدرت جامعة الدول العربية بيانًا تشجب فيه الوجود البريطاني في اليمن الجنوبي.
ملاحم وإضاءات من واقع الثورة الأكتوبرية:
شهد الجنوب كثير من البطولات التي خاضها الفدائيون بعد انطلاق مارد الثورة الأكتوبرية الخالدة وكثير هي الملاحم التي دونها ووثقها المؤرخون أبرزها مايلي:
نفذ المناضل خليفة عبد الله حسن في 10ديسمبر 1963 عملية فدائية بتفجير قنبلة في مطار عدن في إطار الكفاح ضد الاحتلال البريطاني، وأسفرت عن إصابة المندوب السامي البريطاني (تريفاسكس) بجروح ومصرع نائبه القائد جورج هندرسن، كما أصيب أيضاً بإصابات مختلفة عدد (35) من المسؤولين البريطانيين وبعض وزراء حكومة الاتحاد (اتحاد الجنوب العربي) الذين كانوا يهمون بصعود الطائرة والتوجه إلى لندن لحضور المؤتمر الدستوري الذي أرادت بريطانيا من خلاله الوصول مع حكومة الاتحاد إلى اتفاق يضمن الحفاظ على المصالح الإستراتيجية لها في عدن. وكانت هذه العملية الفدائية التي أعاقت هذا المؤتمر هي البداية التي نقلت الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني من الريف إلى المدينة.
في 7 فبراير 1964 هاجم الثوا بالمدفع الرشاش مقر الضابط البريطاني في ردفان (لحج)، وفي 3 أبريل 1964 شنت ثماني طائرات حربية بريطانية هجوماً عدوانياً على قلعة حريب، في محاولة للضغط على الجمهورية العربية اليمنية، لإيقاف الهجمات الفدائية المسلحة التي يشنها فدائيو الجبهة القومية من أراضيها. وفي 28 أبريل 1964 شن مجموعة من فدائيي حرب التحرير هجوماً على القاعدة البريطانية في الحبيلين (ردفان)، وقامت طائرات بريطانية في 14 مايو 1964 بغارات ضد الثوار في قرى وسهول ردفان، أدت إلى تدمير المنازل في المنطقة، كما أسقطت منشورات تحذيرية للثوار الذين أسمتهم بـ«الذئاب الحمر»، وفي 22 مايو 1964 أصاب ثوار الجبهة القومية في ردفان طائرتين بريطانيتين من نوع «هنتر» النفاثة.
انطلق الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني وأعوانه في إمارة الضالع بتاريخ 24 يوليو 1964 بقيادة علي أحمد ناصر عنتر.
وتشير المصادر التاريخية إلى أن العمليات الفدائية تشتد يومًا عن يوم على قوات الاحتلال، فأصدر الاحتلال قانون الطوارئ في 19 يونيو 1965 نص القانون على حظر نشاط الجبهة القومية ، واعتبرها حركة إرهابية.
عقدت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل مؤتمرها الأول في تعز بتاريخ 22 يونيو 1965، وأعلنت فيه موقفها الثابت لمواصلة الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني حتى جلائه عن أرض الجنوب، واعتبرت نفسها الممثل الوحيد لأبناء الجنوب المحتل، وأقرت في هذا المؤتمر لائحتها الداخلية والميثاق الوطني.
في 30 يوليو 1965 هاجمت فرقة ثورية بقيادة علي أحمد ناصر عنتر سرية بريطانية كانت قد تمركزت بنفس اليوم حول دار أمير الضالع، لتعزيز الحراسات لحمايته من هجمات الثوار، وأصيب خلالها القائد الميداني علي شائع هادي بثلاث طلقات رصاص.
ونتيجة لتصاعد الأعمال الفدائية ضد قوات الاحتلال ومصالحه بدأت بريطانيا في التعبير عن رغبتها بمغادرة عدن بريطانيا معلنةً في 2 أكتوبر 1965 عن عزمها البقاء في عدن حتى عام 1968 مما أدى لانتفاضة شعبية عنيفة ضد البريطانيين في المدينة أسفرت عن خسائر كبيرة بشرية ومادية.
وعلى صعيد احتقان الاوضاع ورغبة الشعب في خروج المحتل خرجت جماهير غفيرة في عدن يوم 15 فبراير 1967 بمظاهرات حاشدة معادية للاستعمار البريطاني وهي تحمل جنازة رمزية للشهيد مهيوب علي غالب (عبود) الذي استشهد أثناء معركة ضد القوات الاستعمارية في مدينة الشيخ عثمان.
وفي 2 أبريل 1967 حدث إضراب عام شل كافة أجهزة العمل في مدينة عدن، دعت إليه الجبهة القومية وجبهة التحرير في وقت واحد.
في 3 أبريل 1967 نفذ فدائيو حرب التحرير عدة عمليات عسكرية ناجحة ضد مواقع وتجمعات الاحتلال البريطاني في مدينة الشيخ عثمان بعدن، كبدوا خلالها القوات الاستعمارية خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وسقط خلالها عدد من الشهداء في صفوف الفدائيين.
تمكّن الفدائيون في 20 يونيو 1967 من السيطرة على مدينة كريتر لمدة أسبوعين بعد خوض الثوار معارك ضارية أفقدت جنود الاحتلال صوابهم وكسرت هيبتهم.
وفي 21 يونيو 1967 سيطر ثوار الجبهة القومية في إمارة الضالع على عاصمتها ومعهم آلاف المواطنين الذين دخلوها في مسيرة حافلة يتقدمهم علي أحمد ناصر عنتر، وتبع ذلك سيطرة الجبهة القومية على مشيخة المفلحي في 12 أغسطس 1967 بعد أن زحفت عليها بمظاهرة كبيرة شارك فيها أبناء القرى والمناطق المحيطة بالمشيخة، وتوالى بعد ذلك سقوط السلطنات والمشيخات بيد الجبهة القومية.
وشهد يوم 28 سبتمبر تأسيس إذاعة المكلا في 28 سبتمبر 1967 التي انطلقت باسم «صوت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل».
في أوئل شهر نوفمبر 1967 باتت أغلب المناطق تحت سيطرة الجبهة القومية.
وتتويجًا لهذه الانتصارات والتضحيات الجسام التي قدمها شعبنا على الحرية والكرامة والاستقلال أعلنت بريطانيا استعدادها للتفاوض لمنح الجنوب استقلاله.
بدأت المفاوضات في جنيف بين وفد الجبهة القومية ووفد الحكومة البريطانية في 21 نوفمبر 1967 من أجل نيل الاستقلال وانسحاب القوات البريطانية من الجنوب، وجرى في ختامها توقيع اتفاقية الاستقلال بين وفد الجبهة القومية برئاسة قحطان محمد الشعبي، ووفد المملكة المتحدة (بريطانيا) برئاسة اللورد شاكلتون.
وبدأ انسحاب القوات البريطانية من عدن في 26 نوفمبر 1967، وغادر الحاكم البريطاني هامفري تريفليان.
وفي 30 نوفمبر 1967 تم جلاء آخر جندي بريطاني عن مدينة عدن، وإعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، ليُسدل الستار عن سنوات طوال من احتلال بريطاني إمبريالي بغيض دام 129 عاماً، وأصبحت الجبهة القومية لتحرير إبان حرب التحرير تتولى مسؤولية الحكم، وتولّى أمين عام الجبهة قحطان محمد الشعبي رئاسة الجمهورية وشكلت أول حكومة برئاسته.
أهم منجزات دولة الاستقلال
يتفق كثير من الكتاب والباحثين إن دولة الاستقلال في الـ 30 من نوفمبر 1967 قد حققت كثير من المنجزات خلال فترة زمنية قياسية وقصيرة جدًا أهمها توحيد جغرافية الجنوب المبعثرة في إطار دولة واحدة وما رافقها من تطور في بناء الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة أمام القانون، ويقول الكاتب والسياسي د. عيدروس النقيب بهذا الصدد: “يكفي أن نتذكر أن صمود الشعب الجنوبي وثواره الأبطال وإجبار القوات الاستعمارية على الرحيل أمرٌ لم يكن يخطر على بال أكثر المتفائلين ممن يرفضون الوجود الاستعماري، وكان تحقيق الاستقلال الوطني في الثلاثين من نوفمبر 1967م وإعلان قيام دولة جنوبية كاملة السيادة على كل أراضي ما عُرِف بإمارات ومحميات الجنوب العربي الغربية والشرقية، وتأسيس جمهورية واحدة على كل هذه الأرض لأول مرة منذ أكثر من ألف سنة قد مثلَ تحقيقاً لحلم الأجيال على مدى قرون.”
ويضيف الكاتب قائلًا: “لم تسفر ثورة الرابع عشر من أوكتوبر فقط عن إنجاز التحرر الوطني ببعده السياسي ونيل الحرية والاستقلال وإعلان الدول الجنوبية، بل إن البعد الاجتماعي-الاقتصادي لعملية التحرر هذه قد كان الأمر الأكثر أهمية، فقد شملت الخطوات الأوكتوبرية اللاحقة في عهد دولة الاستقلال تأمين الحياة الكريمة لكل أفراد وفئات وطبقات الشعب، فكان بناء المصانع والمعامل والمزارع النباتية والحيوانية من خلال المزارع التعاونية ومزارع الدولة، وتشجيع ودعم الحركة التعاونية عبر أكثر من خمسين تعاونية زراعية واستهلاكية وسمكية وخدمية وجرى تأمين الخدمات التموينية من خلال افتتاح المؤسسات التموينية السمكية ومؤسسات التموين باللحوم والخضار والفواكه والأقمشة وملابس الأطفال.
ولا ننسى الخدمات الإجتماعية المرتبطة بحياة الناس كالتطبيب المجاني والتعليم المجاني من الروضة إلى الجامعة ومحو الأمية ومدارس أبناء البدو الرحل مصانع العلم والرجولة.”
ويشير د. عيدروس النقيب إلى ما حققه أبناء الطبقات الفقيرة والمنجزات في المجالات السياسية والاجتماعية والتعليمية والصحية، وما تحقق للمرأة في مختلف المجالات قائلًا: “وهكذا فلأول مرة صار بإمكان أبناء الطبقات الفقيرة الوصول إلى الجامعات والتخرج في مختلف التخصصات العليا وتبوء مواقع قيادية في العملية السياسية والعسكرية والأمنية والقضائية والنيابية والبرلمانية وإدارة المؤسسات الاقتصادية ومؤسسات الخدمات، وشملت عملية التحرر هذه تعميم التعليم المجاني لكامل مراحل التعليم كما قلنا، والتطبيب المجاني لكافة فئات الشعب، وكان من منجزات هذه العملية القضاء على الأمية لأكثر من 98% من سكان البلد وجرى استئصال الأوبئة والأمراض المعدية كالجذام والملاريا والجدري مع تطعيم الأطفال ضد الأمراض الستة القاتلة، وجرى إدماج المرأة في مجمل الحياة السياسية والاجتماعية والتعليمية والاقتصادية والبرلمانية، وصارت المرأة شريكاً أساسياً وفاعلاً في كل عملية التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في البلد.”
الخاتمـة
خاض شعبنا الجنوبي نضال شاق ومرير حتى انتزع الاستقلال الناجز في الثلاثين من نوفمبر 1967 بفضل ثورة 14 أكتوبر تشرين أول 1967، حاول الاحتلال البريطاني بكل السبل التشبث بالبقاء وفرض احتلاله وجبروته وطغيانه على شعبنا وفي النهاية تحطمت مخططات الاحتلال وأطماعه على صخرة الإرادة الصلبة التحررية لشعبنا الذي لم ولن ينسى كل من قدم له العون والدعم خلال مسيرة ثورته المباركة من الأشقاء العرب والأصدقاء الاجانب، فمهما طال أمد الاحتلال لابد لفجر الحرية أن يتوهج وترتفع رايات المجد والكرامة، لأن إرادات الشعوب لا تُقهر.