كان يقول البعض ان ما حدث في اليمن منذ ما بعد تحقيق الوحدة من فشل للشراكة والدولة ومن ثم الحرب، هو من صناعة طرف واحد دون غيره او جهة واحدة دون غيرها، بينما يغضون الطرف عن طرف او اطراف ساهمت وشاركت بشكل مباشر او غير مباشر، مثلا كان يقول الناس في الجنوب ان فشل دولة الوحدة وشن الحرب على الجنوب وممارسة الاستبداد والقهر بحقه، هو من صناعة الطرف الشمالي فقط، بينما الحقيقة تقول ان هناك جنوبيون ايضا من موقع القيادة والمسؤولية شاركوا في ذلك، وكانوا جزاء من الحرب والدمار والظلم الذي لحق بالجنوب طوال كل هذه السنوات الطوال، والواقع يؤكد لنا اليوم ان ماساتنا ومعاناتنا كشعب بعد كل الدماء والتضحيات التي بذلت يصنعها شماليون وجنوبيون ايضا، من خلال شراكتهم في نظام وحكومة فاشلة، ومن داخل عدن يمارسون فسادهم بنهب المال العام، ويدمرون الخدمات والمؤسسات، ويعبثون بالاقتصاد والمرتبات، وغيرها من صنوف التدمير والخراب، دون ان يرمش لهم جفن.
ايضا حرب 2015 الاخيرة شارك فيها شماليون وجنوبيون وقفوا مع الطرفين، والثورات السلمية شارك فيها شماليون وجنوبيون كلا من موقعه ومركزه ودوره، واذا عدنا للخلف فان دولة الجنوب السابقة كان يديرها شماليون وجنوبيون، كانت لهم ادوارهم واسهاماتهم وتجربتهم الايجابية والسلبية التي سيحكم عليها التاريخ، وفي دولة الشمال السابقة كان هناك شماليون وجنوبيون ايضا، ساهموا وشاركوا في الحكم والادارة، اذن ما حدث في اليمن منذ ما بعد ثورتي سبتمبر واكتوبر وحتى اليوم، هي احداث شارك فيها الجميع جنوبيون وشماليون بسلبياتها وايجابياتها، لذا يمكن القول ان التاريخ مشترك والحاضر مشترك، واذا اردنا ان نعالج مشكلة الحاضر علينا نحددها اولا بجميع اطرافها والفاعلين والمؤثرين فيها، لا ان نحاكم طرف بدافع من التعصب ونبرئ الطرف الاخر ونحن نعلم انهم ليسوا ملائكة، وانما مشاركون فاعلون فيما يجري للبلد والشعب اليوم.
لذا حتى لا يتم تتويه الناس عن الحقيقة، وحتى لا تنحرف البوصلة، علينا ان ندرس ونقيم الامور بعقلانية بدون تعصب او عواطف او اندفاعات قد تفقدنا القدرة على تحديد الهدف واختيار الادوات والوسائل للدفاع عن انفسنا ومستقبلنا كشعب في مواجهة هؤلاء الفاسدين والمستهترين المتكتلين حول مصالحهم الذاتية والنفعية ضدا على مصالحنا الحياتية والوطنية كشعب وبلد، يواجه خطر الانهيار والتفكك والتشرذم والضياع.
نحن بحاجة اليوم لعملية تصحيح واسعة لها برامج واولويات واهداف وتنظيم، وفيها قدر من الايمان والشجاعة والصبر والصمود، يكون في طليعتها قادة من الشباب اليمني جنوبيون وشماليون، حتى لا يعتقد الخصوم والاعداء انهم قد فرقونا وشتتوا جهودنا، ورموا بنا جانبا في ملعب اخر ليس هو الملعب الذي يفترض ان نواجهم فيه ونهزمهم فيه، او نصحح ونصلح المسار للجميع.
سوف تتكلل كل الجهود بالنجاح باذن الله متى ما وجد الامل والعزيمة والاصرار، فانه لا شي مستحيل مادام مصيرنا مشترك وهدفنا مشترك يرنوا الى خير البلاد والعباد، ولتكن عدن هي القبلة والمنارة التي نهتدي بها وننطلق منها.