طالعنا كما الجميع في الايام السابقة خبر استيلاء الحوثيين في البحر الاحمر على سفينة تجارية اسرائيلية بدعوى مناصرة فلسطين ؛ البعض صدق والآخر استهزأ بالأمر، والبعض الآخر فند الواقعة ضمن تمثيلية معدة سلفاً لتنفيذ اجندة امريكية معينة..
المتتبع لحوادث السفن قرب السواحل اليمنية تاريخياً لا يرى الامر جديداً..فمما تختزنه ذاكرتنا، تلك الذريعة التي احتلت بها بريطانيا عدن والجنوب ما يقارب مائة عام ونيف ، فحادثة تعرض السفينة ، داريا دولت، مازالت عالقة في الاذهان ؛ والهجوم الارهابي الذي وقع على المدمرة الامريكية يو اس اس كول في خليج عدن في العام ٢٠٠٠م ..وكيف الميناء فقد زخمه التجاري وتراجعت المنطقة الحرة للوراء إذ خسر الاقتصاد الوطني ما خسره حينها ولم يتعافَ إلى الآن..
نملك شريط ساحلي ممتد مطبقا على البحر الاحمر وبحر العرب مرورا بخليج عدن..مما اعطى اليمن موقعاً استراتيجياً يمكنه من التحكم في التجارة الدولية في حال استقرت الامور وتم إعادة بناء الدولة …لكن !
لا احد يريد الخير لهذه البلاد ،،هم يريدونها خالية الا من موقعها و ثرواتها ،،
لا ننسى هنا ما يدور في غرف الإعلام العالمي عن عزم اسرائيل بناء قناة بن غوريون المائية حيث ستقع على الجانب الآخر من قناة السويس المصرية مخترقة غزة وصولا إلى سينا ومنها إلى البحر الاحمر ..فهنا كان لزاما السيطرة على البحر الاحمر والمدخل الجنوبي مضيق باب المندب ..
ان تضخيم المليشيات الطائفية، ديدن السياسة الامريكية، في العقود الثلاثة الاخيرة بالمنطقة..وما تفعله مع الحوثة إعلاميا يتوافق مع هذه السياسة..خصوصا ان هناك محادثات وجهود سلام حثيثة تُبذل لانهاء الصراع في اليمن من دول الجوار ..لكن اللاعب الرئيسي يريد بث الدم في جثة الحوثة سياسيا بعد هزيمتهم عسكريا ووطنيا..بفرضه كقوة سياسية تهدد الداخل اليمني باستمرار وتضل فزاعة لابتزاز حواضر النفط الجارة لليمن ،
اما عن السفن التي ننشدها.. فنحن بحاجة ماسة لإعادة تشغيل ميناء عدن وعودة السفن التجارية اليه بصورة عاجلة بعد ان توقف وخرج عن الخدمة فلا سفن راسية قربه او تلوح في الافق من بعيد..فتعطيل هذا الميناء الدولي العريق ليس انتصار لاي طرف مهما اقنع نفسه بعداوته للاخر..
اننا بحاجة لسفينة نجاة فإنا في الضياع غارقون ..سفينة نحن نصنعها ونشد شراعها مبحرين نحو دولة مدنية وجمهورية تقيم النظام والقانون؛ ذات سيادة واستقلال..كفانا تدمير لما تبقى منا..كفى استغلال لحاضرنا وماضينا..كفى ظلم لمستقبلنا ..