أثناء حرب 94 وقف الشيخ زايد بن سطان ومعه كل الامارات، موقفا علنيا واضحا وقويا الی جانب الجنوب وبكل الوسائل المتاحة حينذاك. بل فعلت ذلك كل دول الخليج، غير ان الامارات كان لها موقفا قوياً ورافضا للغزو والاحتلال الشمالي للجنوب.
ذلك الموقف للشيخ زايد، طبع في قلوب كل الجنوبيين، ورفع لديهم حجم ومكانة الشيخ زايد بن سلطان وكل الامارات.
وقد لاحظ المراقبون حينها مواقف الشيخ زايد والامارات نحو الجنوب، من خلال الاهتمام الملحوظ بزيارة صالح بن حسينون ” مندوب الرئيس البيض”، مقارنة بفتور استقبال الامارات لوزير خارجية الشمال ومبعوث صالح ” محمد سالم باسندوة ” .
في مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر، احد قيادات الحرب على الجنوب، تحدث الاحمر بحقيقة ما جرى عندما ذهب الى الامارات لغرض طلب الموافقة على غزو الجنوب من قبل الشمال.
يقول الاحمر في مذكراته: ” زيارتي للإمارات كانت في الأيام الأخيرة للحرب بعد ما بدأت وسائل الإعلام في الإمارات تسمي البيض فخامة الرئيس دون اعتراف رسمي، وكان ذلك من الأشياء التي احتججنا عليها وطرحناها لهم في الزيارة التي قابلنا فيها الشيخ زايد:
واضاف الاحمر: ” لقد أوضحنا لهم – أي – أوضح للإماراتيين.. الاتي:
أولاً: أن هؤلاء – يقد الجنوبيين – تمردوا واختلقوا أزمة سببت وألحقت بالشعب أضراراً ومتاعب كبيرة، وتعطل كل شيء وقدمنا لهم تنازلات كثيرة واستجبنا لمطالبهم، وأخيراً أملوا علينا وثيقة فيها كل ما يريدون وقبلناها واشترطوا ألا توقع إلا في عمّان، وذهبنا إلي عمّان، ومن عمّان يذهبون إلي الرياض وسلطنة عمان والإمارات والكويت وانتم تستقبلونهم كأنهم دولة وهم متمردون؟
ثانياً: أن موقفكم – أي الاماراتيين – هذا الذي أصبح واضحاً ما كنا ننتظره أو نتوقعه منكم فهم أعداؤكم قبل أن يكونوا أعداءنا، وهم حزب شيوعي، ثم إن الوحدة قد تمت واعترفتم بها وباركتموها فتمردوا على الشرعية وأعلنوا الانفصال وانتم مؤيدون لهم.
يضيف عبدالله الاحمر في مذكراته بالقول: “كان موقف الشيخ زايد واضحاً في دعم الاشتراكي فكان طرحنا له صريحاً وواضحاً وقوياً، وإجابته لنا كانت أكثر وضوحاً وصراحة وتعصباً بشكل فظيع ما كنا نتصوره قال:
ويقول الاحمر: ” فاشتد بنا النقاش إلى أن بلغ حد ارتفاع الأصوات وكان معي الأستاذ عبد الوهاب الآنسي نائب رئيس الوزراء في حينه وبعض المشائخ من الإمارات أسكتونا وانتقلوا إلي مكان آخر، وبقيت أنا والشيخ زايد كل واحد متسمر في كرسيه لا يكلم الآخر ولا ينظر إليه “.
وواصل حديثه في مذكراته بالقول: ” عادوا إلينا برأي أن تنفض الجلسة ويجتمع نائب رئيس الوزراء عبد الوهاب الآنسي مع الشيخ فلان والشيخ فلان، وخرجنا دون الوصول إلي شيء، والشيخ زايد مصمم علي أنه لا بد أن نوقف الحرب.
قلت: الحرب مقدسة بالنسبة للوحدة، والوحدة تستاهل الدماء.
قال: تريدون سفك الدماء والوحدة ليست بالقوة.
قلت: نعم الوحدة تستحق التضحية ونحن مستعدون لبذل المزيد من التضحيات من أجلها، والوحدة ليست بالقوة فهي وحدة شعب واحد إنما الانفصال هو الذي يريد أن يفرض بالقوة وانتهت الزيارة بهذا الشكل دون الوصول إلي أي نتيجة”.
كان موقف الشيخ زايد من الحرب الشمالية اليمنية على الجنوب، موقفاً ذا نظرة ثاقبة، إذ رأى ان حرب 94 هي حرب الدمار ولها تأثيراتها على اليمن عامة جنوبا وشمالا، بل وتاثيرات خطيرة على المنطقة العربية.
ومن هنا كان موقف الإمارات العربية المتحدة بارزاً في رفض الحرب على الجنوب، في اجتماع مدينة ابها الموافق ( 4 – 5 يونيو 1994م)، وهو الموقف الذي كان أشد وضوحاً من احداث الحرب عام 1994، حيث اعلن في الدورة الحادية والخمسين للمجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي بأن ” الوحدة اليمنية 90، لا يمكن ان يستمر الا بتراضي الطرفين، ولا يمكن للطرفين التعامل في هذا الاطار، الا بالطرق والوسائل السلمية. وتقديرا من المجلس لدوافع المخلصين من ابناء اليمن في الوحدة فانه يؤكد انه لا يمكن اطلاقا فرض هذه الوحدة بالوسائل العسكرية”.
وتطابق موقف دول الخليج مع موقف الشيخ زايد حول اليمن، حيث كان مجلس التعاون الخليجي قد استشعر خطر الاحداث في اليمن، وأكد في قراره ذات الصلة بقوله: ” كما يبين المجلس ان استمرار القتال لا بد وان يكون له مضاعفات ليس على اليمن وحده وانما على دول المجلس مما سيؤدي بها الى اتخاذ المواقف المناسبة تجاه الطرف الذي لا يلتزم بوقف اطلاق النار”.