“الثورة الجنوبية : تحديات واختلالات وضرورة المراجعة”
كتب م / مقبل ناجي مسعد
وضعنا اليوم يؤكد أن الثورة المضادة قد نجحت في احتواء الثورة الجنوبية وتغيير مسارها والسيطرة على قيادتها، من خلال اعتمادها على الفئة الضالة من الجنوبيين المنتمين للأحزاب اليمنية وللدولة اليمنية العميقة ومن راكبي الموجات ومن أولئك الذين شاركوا الاحتلال في السلب والنهب وحققوا مكاسب ومغانم شخصية كبيرة، وأصبح بقاء كل تلك المصالح الخاصة بهم مرتبطًا ببقاء الجنوب تحت الاحتلال.
لقد أشرنا في أكثر من مناسبة إلى جملة الاختلالات التي رافقت الثورة الجنوبية منذ انطلاقتها، وكيف يتم معالجتها، وقبل أربع سنوات، أشرنا إلى بعض هذه الأخطاء والاختلالات بما يلي:
لا أحد يستطيع أن ينكر أن هناك اخفاقًا كبيرًا في الجانب الإعلامي منذ انطلاق الثورة الجنوبية ولا زال هذا الاخفاق ملازمًا لها حتى الآن رغم مرور عدة سنوات وقد تطرق الكثير من الكتاب والنشطاء لأسباب ذلك الاخفاق الذي كان وما زال ملازمًا للثورة الجنوبية.
نحن مع الرأي الآخر ومع تعدد الآراء وحمايتها ولكن هذا يجب أن يكون في عهد الدولة ووجودها، أما في عهد الثورة فليس هناك رأي ورأي آخر، وهذا ما أكده كل الثورات التي سبقتنا عبر التاريخ، هناك شعب الجنوب انطلق بثورة شعبية مطالبًا بإستعادة دولته وقدم خيرات أبنائه، فهناك من قدموا أرواحهم وأجزاء من أجسادهم ودمائهم رخيصة في سبيل تحقيق هذا الهدف وتحمل معهم عامة الناس معاناة القمع وضيق العيش وحرب الخدمات والفوضى الأمنية وكل أساليب القهر والتجويع، وكل ذلك في سبيل تحقيق الهدف الأساسي المتمثل بتحرير الأرض واستعادة الدولة، وهناك ثورة مضادة لهذه الثورة، لا تريدها أن تنجح وتحقق أهدافها وهي تعمل في كنف الاحتلال وفي وضح النهار وتحت مسميات مختلفة ومنها “الرأي الآخر” وضرورة حمايته والدفاع عنه، تحرير الأرض واستعادة الدولة وتحقيق الاستقلال لم ولن يكون وجهة نظر أو رأي آخر في يوم من الأيام وفي أي ثورة كانت، قديمًا أو حديثًا، فهناك ثورة وثورة مضادة لها.
كل ثورة تعمل لتحقيق أهدافها عبر أدوات سياسية وجماهيرية وعسكرية إعلامية وغيرها، وإذا لم تستطع هذه الثورة وعبر أدواتها من حماية قياداتها والمنتسبين إليها وأنصارها وجماهيرها من عبث الثورة المضادة المحمية والممولة من قبل الاحتلال، وكذلك حماية الوعي الشعبي من التزييف والتضليل تحت مسمى “الرأي الآخر” زورًا وبهتانًا، فهذا يعني أن هناك خللاً كبيرًا في أدوات هذه الثورة وقياداتها ويجب مراجعته بشفافية ووضوح ووضع المعالجات الصحيحة لكل تلك الأخفاقات، مالم فإن معاناة الناس ستزداد وأهداف تلك الثورة لن يكتب لها النجاح.