نظمت الأمانة العامة لاتحاد أدباء وكتاب الجنوب، أمس السبت بالعاصمة عدن، حلقة نقاشية حول أشكال كتابة الذات في الجنوب.. السيرة الذاتية والمذكرات واليوميات، بمشاركة نخبة من الأدباء والمثقفين والأكاديمين والمهتمين بالعاصمة عدن.
وفي مستهل الحلقة، القى الدكتور بدر العرابي، الذي أدار الحلقة التي حضرها أ. د. جنيد محمد الجنيد رئيس الاتحاد، القى كلمة رحب فيها بالحاضرين من الأكاديميين والمثقفين والأدباء المشاركين بالفعالية، معتبراً الحلقة من الانشطة النوعية التي تسلط الضوء حول كتابة السيرة الذاتية في الجنوب، بداياتها وأشهر الكتاب الذين اهتموا بهذا النوع من الأدب الحديث.
ثم تحدث الدكتور مسعود عمشوش حول الانفتاح الذي شهدته الأقطار العربية في النصف الثاني من القرن العشرين وشجع عددا كبيرا من الأدباء والفنانين والمفكرين والسياسيين على تدوين تجاربهم الذاتية وصياغتها في أشكال تعبيرية،مختلفة تقع كلها في دائرة (كتابة الذات): سير ذاتية، ومذكرات وذكريات ويوميات، موضحاً أن الأشكال المختلفة لكتابة الذات التي تعد السيرة الذاتية أبرزها أخذت تتداخل في معظم الأحيان وفي الحقيقة، غالبا ما يصعب تبيان الحدود الفاصلة بشكل قاطع بين السيرة الذاتية وبين المذكرات والأشكال الأخرى للتعبير عن الذات. وأكد الدكتور عمشوش أنه قد تناول في ورقته حول (مذكرات أول رئيس لجامعة عدن)، التي تحدث فيها الدكتور محمد جعفر زين عن طفولته وتعليمه، ثم تجربته في رئاسة أول صرح ،جامعي في الجنوب، جامعة عدن، وذلك خلال الفترة من ١٩٧٥ إلى ١٩٧٨ وكذلك الطريقة السلبية التي تعاملت بها معه الحكومة بعد سنة ١٩٩٠ والمحطات التاريخية المختلفة التي مر بها رئيس جامعة عدن وتوجهات وأفكاره التي شكلت تفكيره ووجدانه نحو مسار نشاطه العلمي والمهني والسياسي،والمنعطفات التي مرت بحياته المهنية الى ان تم تعيينه مستشار لرئيس هيئة مجلس الشعب الأعلى،مشيراً على ما تعرض الدكتور محمد جعفر زين، مثل كثير من الكوادر الجنوبيين من الاضطهاد قبل مراكز القوى في صنعاء والاجراءات التعسفية التي تعرض لها والمتمثلة بابعاده عن منصبه كملحق ثقافي وعدم صرف مستحقاته، مؤكداً ان رأي وكلمات الدكتور محمد جعفر الاخيرة حول الوحدة الذي وصفها بعد حرب94م بانها انتهت دون رجعه احد الاسباب سحب جميع نسخ الكتاب من مكتبات البيع والمستودعات والمكتبات العامة حيث أصبح صعب العثور على أي نسخة من الكتاب.
ثم قدم الدكتور عبد الحكيم باقيس ورقة بعنوان (البدايات الجنوبية في السير الذاتية والمذكرات)، قال فيه ان المذكرات والسيرة الذاتية لهما أهمية خاصة من الناحية النوعية والاجتماعية فضلا عن القيمة الجمالية والموضوعية لهذه الكتابة، لافتاً إلى ان السنوات الاخيرة شكل الوعي باشكال الكتابة الذات ظاهرة ملفتة عالميا وعربيا ووطنياً وموشرات ذلك ظهرت جلياً للمتابع من حيث زيادة معدلات النشر،معرفاً لكل من السيرة الذاتية والذكريات بالقول، كتابة المرء حياته نفسه، بحسب فيليب لوجان أبرز المهتمين بحقل السيرة الذاتية عرفها بانها حكي استعاري نثري يقوم بها شخص واقعي عن وجوده الخاص. واستعرض الدكتور عبد الحكيم باقيس، نموذج لكتابة سيرة الذاتية ممثلة بالمورخ والمفكر سعيد عوض باوزير كاول سيرة ذاتية مبكرة في تاريخ الأدب بالجزيرة العربية من حيث الناحية التاريخية والاشتراطات في هذا النوع من الكتابة وميثاقها، معرجاً على أبرز نموذخ كتابة المذكرات محمد علي لقمان كرائد الحركة التنويرية الصاعدة والمؤثرة في التاريخ الفكري والثقافي لمدينة عدن والذي اختزلها منطقياً لتماهي الذات للمدينة، منوهاً إلى ان مذكرات لقمان كانت بعيدة وممتدة في الزمن وترصد لوحات متفرقة لتاريخ السياسي والاجتماعي والثقافي للجنوب. بدورها تناولت ورقة (رواية ترنيمة فارس السيرذاتية لعوض العلقمي )،المقدمة من قبل الدكتور أمين صالح العليان، التداخل بالمفاهيم والمصطلحات بين السيرة الذاتية والرواية ومانتج عنها من جدلاً كبيراً اثاره النقاد حول المفاهيم الواضحة وتحديد المصطلحات الضابطة.
وأوضح الدكتور عبد الوهاب شايف الأحمدي في ورقته المعنونة (المقومات الفنية في سيرة باوزير الذاتية)، أن عبدالله باوزير كتب سيرته (استعادة الزمن المفقود) بأسلوب يجعل القارئ يشعر أن ثمة علاقة تربطه بالكاتب و ترغمه على متابعة القراءة للأحداث حتى النهاية حيث تظافرت المفردات السهلة والتركيب الجمالي واساليب التقديم المختلفة للوقائع الحياتية من السرد الاخباري والمشاهد الوصفية والحوارات المستنسخة من الفكلور الشعبي. هذا وقد اثريت الحلقة النقاشية، بالمداخلات والنقاشات المتعمقة من قبل المشاركين الذي أكدوا على الأهمية التي تكتسبها السيرة الذاتية في كتابة وتوثيق وسرد تفاصيل الحياة سواء للشخصيات العادية او للقيادات المشهورة التيرحرصت على كتابة مسيرة حياتها ونشرها.