إفشال واشنطن لمشروع قرار مجلس الأمن للتوصية بعضوية كاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، محاولة أمريكية فجَّة لإحباط إحدى الثمار الاستراتيجية لمعركة غزة، وصمود شعبها ورجالاتها، وسعيٌ لإنقاذ الدولة العبرية من خسارة استراتيجية بعد أن بلغ الغرور باليمين الإسرائيلي وحلفائه، حدَّ الاعتقاد بأنهم نجحوا في دفن القضية دولياً، وأنْ لا مكان لدولة فلسطينية في جغرافيا المنطقة، ولا عودة للاجئين، ولكنَّ أشهراً ستة كانت كافية لانقلاب العالم، شعوباً وحكومات، رأساً على عقب، كي تحتل القضية من جديد مقدمة الاهتمامات العالمية.
كانتْ لحظةً فارقة لو تمت، لكنْ سوف تتبعها محاولات أخرى، ينتزعُ فيها الفلسطيني الشجاع، حريتَه واستقلالَه ودولته، من أنيابِ دول مهيمنة، متورطةٍ في سفكِ دمِ أطفال غزة، وتدمير عمرانها، وتجويع أهلها، وإبادة شعبها. فلسطين حقيقة موجودة، وسوف تُنتزع من ضمير العالم انتزاعاً بعد ٨٠ عاماً من الاحتلال والاستيطان والتهجير، وما عجزت عنه مفاوضات بلا جدوى، في ظل انحياز أمريكي فظٍّ لإسرائيل، سيولَد عبر مقاومة شعب أبيٍّ متمسكٍ بأرضه وحقوقه. ثمَّة فرصٌ استراتيجية .. فلا تقللوا من أهميتها ولا تضيِّعوها!