نشر مركز سوث24 للأخبار والدراسات تقرير عن اللقاء التشاوري الجنوبي النتائج والآمال” وجاء في التقرير أنه وفي 8 مايو من العام الماضي 2023 اُختتم في العاصمة عدن أهم لقاء تشاوري للمكونات والأطراف السياسية والمدنية والقبلية في جنوب اليمن برعاية المجلس الانتقالي الجنوبي. جاء اللقاء عقب عامين من حوارات ومشاورات بينية أصغر نفذها فريقا الحوار الداخلي والخارجي، اللذان شكلهما رئيس المجلس في أغسطس 2022.
ونتج عن ذلك اللقاء 4 وثائق أساسية وقع عليها المجلس الانتقالي الجنوبي ونحو 35 مكونًا سياسيًا ومدنيًا وقبليًا، بالإضافة لممثلات عن النساء وممثلين عن الشباب. وتضمنت تلك الوثائق: “الميثاق الوطني الجنوبي؛ مشروع اتجاهات الرؤية السياسية للمرحلة الراهنة؛ أسس وضوابط التفاوض السياسي القادم ووثيقة أسس بناء الدولة الجنوبية الفيدرالية القادمة”.
مُتعلق: إعلان الميثاق الوطني الجنوبي وشكل الدولة القادمة
كان الحدث بمثابة خطوة غير مسبوقة للأطراف السياسية في جنوب اليمن منذ العام 1990، عندما دخلت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في مشروع وحدة مع الجمهورية العربية اليمنية، انهار لاحقا في حرب 1994.
كما قاد لقاء عدن التشاوري إلى هيكلة سياسية واسعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، شملت تعيين قادة تيارات ومكونات جنوبية في مراكز القيادة العليا وصنع القرار مثل هيئة الرئاسة.
متعلق: ميلاد جديد للمجلس الانتقالي في جنوب اليمن
وبالرغم من قدرته على تحقيق تلك الخطوة، قاطعت مكونات جنوبية اللقاء التشاوري آنذاك. وبعضها كان قد انخرط بالفعل في جولات لقاءات وحوارات مسبقًا مع فرق حوار المجلس الانتقالي. الأمر الذي استدعى المجلس للتأكيد على مواصلة نهج الصدور المفتوحة والحوار المستمر مع بقية الأطراف الجنوبية ضمن “المصلحة العليا لقضية الجنوب وتطلعات وآمال الشعب”.
فماذا تغير بعد عام؟
المرحلة الثانية
في ديسمبر 2023، أصدر الزبيدي قرارًا بشأن إعادة تشكيل فريق الحوار الوطني الجنوبي برئاسة الدبلوماسي الجنوبي عبد السلام قاسم، وصالح الفردي نائبًا له. جاء القرار ضمن إجراءات المجلس الانتقالي للدفع بالمرحلة الثانية من عملية الحوار الوطني مع الأطراف الجنوبية الأخرى.
وبشأن هذه المرحلة، قال نائب رئيس فريق الحوار الجنوبي صالح الفردي لمركز سوث24: “المرحلة الثانية من الحوار، تهدف إلى استكمال ما تمّ تحقيقه خلال المرحلة الماضية من نتائج ملموسة على المستويات الداخلية والإقليمية والدولية”.
وأضاف: “المرحلة الأولى تضمنت توقيع الميثاق الوطني الجنوبي من قبل (37) مكونًا سياسيًا وحزبيًا وقوى مجتمع مدني واتحادات إبداعية ومهنية ونقابات وشباب ومرأة. والمرحلة الثانية تستهدف باقي القوى والمكونات السياسية في الجنوب، للوصول إلى أرضية مشتركة لتحقيق تطلعات شعبنا”.
نتائج المرحلة الأولى
يُشكك أمين عام مرجعية قبائل حضرموت الشيخ جمعان سعيد بنتائج المرحلة الأولى من الحوار الجنوبي الذي عمل عليه المجلس الانتقالي. ووصف ما اشتملت عليه عملية الحوار بأنه “مجرد لقاءات شكلية ووعود بجنوب فيدرالي، دون الخوض في تفاصيله أو تقديم ضمانات لتنفيذ هذه الوعود”.
وأضاف لمركز سوث24: “في الواقع نحن لم نقاطع الحوار الذي دعا له الانتقالي، بل رحبنا وشاركنا بثلاثة ممثلين عن المرجعية، توجهّوا إلى مصر لهذا الغرض، لكننا لم نجد أي حوار. بالتالي ما قاطعناه في عدن هو حفل إعلان انضمام بعض الشخصيات الجنوبية والحضرمية للمجلس الانتقالي ..”.
لكن القيادي في مؤتمر حضرموت الجامع محمد عبد الله الحامد يرى أنّ الهيكلة السياسية للمجلس الانتقالي قد لبت الكثير من متطلبات رفع مستوى أداء الهيئات القيادية للمجلس، وتوسيع المشاركة الوطنية للقوى الجديدة التي اندمجت به أو تحالفات معه.
وقال الحامد لمركز سوث24: “هناك قوى سياسية واجتماعية لا يستهان بها مازالت خارج إطار المجلس الانتقالي، ممّا يتطلب دمجها أو تقوية التحالف معها لمواجهة مهام المرحلة التي يمرّ بها الوطن الجنوبيّ باتساع رقعته الجغرافية”.
وانتقد الحامد قيام المكون الذي ينتمي له بمقاطعة اللقاء التشاوري الجنوبي. ولفت إلى أنّه كان مؤيّدًا لحضور اللقاء التشاوريّ بدون شروط مسبقة أو موافقة مسبقة على النتائج، بشرط أن تخضع موافقة الوفد المشارك لمصادقة هيئات المؤتمر الجامع كالرئاسة والهيئة العليا.
مضيفًا: “مازلت على اعتقادي بأن قرار مقاطعة مؤتمر حضرموت الجامع قد بُني على افتراضات مسبقة، ولم يكن موفقًا. إنّ المقاطعة في القاموس السياسيّ تُستخدم من قبل الطرف الذي تفتقر قدرته على التأثير، أو للضغط كوسيلة لتحسين شروط اللقاء لضمان تحقيق مكاسب مضمونة”.
الباحث السياسي الجنوبي أوسان بن سدة أثنى على اللقاء التشاوري ونتائجه، رغم أنه “لم يكن مثاليًا” حد تعبيره. وأضاف لمركز سوث24: “لطالما شكل غياب ثقافة الحوار والتشاور بين الجنوبيين سمة أساسية في التاريخ السياسي الحديث للجنوب. لقد غلبت الصراعات على مبدأ الحوار والاستماع للجميع”.
مضيفًا: “نتائج اللقاء لم تكن مثالية، لكنها شكلت خطوة إيجابية على طريق التوافق. لقد تم دمج العديد من الفصائل الجنوبية التي كانت لا تتفق مع المجلس الانتقالي ضمن المجلس، على الرغم من اتفاقها معه مسبقًا على مبدأ الاستقلال واستعادة السيادة الجنوبية”.
ويرى بن سدة أن “هناك أسباب عديدة وراء معارضة بعض المجموعات والأطراف الجنوبية مع جهود المجلس الانتقالي، فبعضها نابع من مصالح ذاتية أو مالية أو مناصب تسعى بعض الفصائل لتحقيقها”. مضيفًا: “الخلافات الأيديولوجية والسياسية تعيق هذه الجهود أيضًا”.
نسخة ثانية؟
يؤكد نائب رئيس فريق الحوار الجنوبي أنّ الحديث عن عقد لقاء تشاوري جنوبيّ آخر في الوقت الحاليّ مُبكّرٌ، وأنّ فريق الحوار يسعى إلى استكمال أجندة الحوار الوطنيّ مع باقي المكونات والقوى التي لم توقّع على الميثاق، وذلك من خلال جولات حوارية ثنائية معها.
مضيفًا: “هذه الاستمرارية تُؤكّد حرص قيادة المجلس الانتقالي الجنوبيّ على لملمة الصفّ الوطنيّ لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة واستحقاقات المرحلة القادمة”.
وأوضح الفردي أنّه “من الممكن عقد مؤتمر عام لكلّ القوى والمكونات السياسية والمدنية لترجمة كلّ هذه المكاسب، التي باتت واضحةً وتدفع الجميع إلى الشراكة الوطنية في تقرير مصير الوطن الجنوبيّ”.
ويُشدّد الفردي على أنّ هذا المؤتمر سيتمّ في إطار الحلول الإقليمية والدولية لحلّ الأزمة السياسية، خاصةً في ظلّ اتّجاه الجميع نحو إقرار خطة السلام القادمة.
ويرى الباحث بن سدة أنه من أجل نسخة ثانية من اللقاء التشاوري الجنوبي، “يجب اختيار شخصيات مستقلة وذات خبرة لإدارة الحوار، وتشكيل حالة سياسية واحدة تجمع الأطراف الجنوبية، وتقديم تنازلات حقيقية من قبل المجلس الانتقالي ومراعاة مصالح جيران الجنوب”.
وفي 11 مايو الجاري، احتفلت قواعد المجلس الانتقالي في جميع محافظات الجنوب بالذكرى السابعة لتشكيل المجلس تلبية لإعلان عدن التاريخي في 4 مايو 2017 عندما فوضت مليونية جماهرية عيدروس الزبيدي لتشكيل كيان سياسي يمثل قضية الجنوب ويحافظ على المكتسبات التي تحققت منذ 2015.
وعلى الرغم من الانتقادات التي يواجها المجلس من بعض معارضيه المحليين، إلا أنه ينظر إليه على نطاق واسع على أنه أهم مكسب للحركة الوطنية الجنوبية (الحراك الجنوبي)، التي انطلقت في العام 2007.