في اجتماعه الوزاري، الأحد، أصدر مجلس التعاون لدول الخليج العربي في بيانه الختامي 7 توصيات بشأن اليمن، إضافة إلى توصيتين على مستوى الاجتماع الوزاري المشترك بين وزراء خارجية المجلس ووزير الخارجية بالجمهورية اليمنية.
تعكس التوصيات الواردة في البيان الختامي للمجلس الوزاري الخليجي، المواقف الرسمية الثابتة لدول الخليج العربي تجاه اليمن ومستجدات الأوضاع فيها، وهي مواقف موحدة في موقف واحد تم التعبير عنه في هذا البيان، كما في بيانات سابقة.
في ضوء هذا الموقف يمكن قراءة الكثير من الأبعاد الخاصة بالصراع في اليمن، ففي الوقت الذي يصر المجتمع الدولي والأمم المتحدة على ضرورة إحياء العملية السياسية والتوصل إلى حل سلمي للصراع بين الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي وفقاً لخارطة الطريق التي تمخضت عنها المفاوضات الثنائية بين المملكة العربية السعودية والمليشيا الحوثية بوساطة عمانية، تأتي توصيات المجلس الوزاري لمجلس التعاون الخليجي تأكيداً على دعمها لمطالب الحكومة الشرعية في مفاوضات الحل السياسي مع مليشيا الحوثي، وهي المطالب المتمثلة بالمرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216، والتي تتمسك بها الحكومة منذ مفاوضات عام 2016 في الكويت.
إضافة لذلك تضمنت التوصيات موقفاً “حازماً” تجاه ممارسة مليشيا الحوثي التي تتعارض مع جهود الأمم المتحدة ودول المنطقة لإحلال السلام في اليمن، كما عبر المجلس الوزاري الخليجي “عن قلقه البالغ إزاء تطورات الأحداث في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن، وشدد على أهمية خفض التصعيد للمحافظة على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر وخليج عدن، واحترام حق الملاحة البحرية فيها وفقاً لأحكام القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م”.
وفي إشارة إلى التدخلات الإيرانية، أدان المجلس الوزاري استمرار التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية لليمن، وتهريب الخبراء العسكريين والأسلحة إلى مليشيا الحوثي في مخالفة صريحة لقرارات مجلس الأمن 2216 و2231 و2624. وبالمقابل، أشاد بالدعم الإماراتي المتمثل بـ125 ألف طن من الديزل و106 آلاف طن من المازوت لزيادة الطاقة التوليدية للمساهمة بتشغيل محطات الكهرباء، في العاصمة عدن، وعدد من المحافظات المحررة. كما أشاد بالمشاريع والبرامج التنموية والحيوية التي ينفذها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، وبلغت (229) مشروعًا ومبادرة تنموية في (7) قطاعات أساسية، تمثلت في: التعليم، والصحة، والمياه، والطاقة، والنقل، والزراعة والثروة السمكية، وبناء قدرات المؤسسات الحكومية، إضافة إلى البرامج التنموية، والدعم المالي لموازنة الحكومة اليمنية ودعم مرتبات وأجور ونفقات التشغيل والأمن الغذائي في اليمن، وبجهود المشروع السعودي لنزع الألغام (مسام) لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام الذي تمكن من نزع (440,067) لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، وتطهير (56,226,871) متراً مربعاً من الأراضي في اليمن، كانت مفخخة بالألغام والذخائر غير المنفجرة زرعتها المليشيا الحوثية بعشوائية وأودت بالضحايا الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن.
هذه التوصيات تحمل موقفاً خليجياً واضحاً في إدانة مليشيا الحوثي وسلوكها العدائي تجاه اليمنيين والحكومة الشرعية، وتجاه محيط اليمن الإقليمي عموماً، إضافة إلى ارتباط المليشيا بإيران ومشروعها التخريبي في البلدان العربية. وفي مقابل هذا الموقف، أكد المجلس الوزاري دعم دول الخليج الثابت لمجلس القيادة الرئاسي “برئاسة فخامة الدكتور رشاد العليمي والكيانات المساندة له لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن”، والتوصل إلى حل سياسي للحرب الدائرة منذ 10 سنوات. وفي حين أشاد الوزراء “بتمسك الحكومة اليمنية بتجديد الهدنة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة في اليمن”، دعوا بالمقابل مليشيا الحوثي “إلى تنفيذ كافة التزاماتها التي أعلن عنها المبعوث الأممي في 23 ديسمبر 2023م، بشأن مجموعة من التدابير تشمل: 1- تنفيذ وقف إطلاق نار يشمل عموم اليمن، 2- إجراءات لتحسين الظروف المعيشية في اليمن، 3- الانخراط لاستئناف عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة”.
تأكيد المجلس الوزاري الخليجي على هذه النقاط الثلاث يعكس أيضا موقفه غير الضاغط على مجلس القيادة الرئاسي بشأن بقية بنود خارطة الطريق، وهي البنود التي شملت امتيازات كانت مليشيا الحوثي حاولت فرضها أثناء المفاوضات الثنائية مع السعودية، لكن مجلس القيادة الرئاسي ما زال متحفظاً عليها، وبالأخص تلك المتعلقة بالجانب الاقتصادي.
وعقد وزراء الخارجية بدول الخليج العربي اجتماعاً مشتركاً خاصاً مع وزير الخارجية شائع الزنداني، ورحب المجلس الوزاري بنتائج هذا الاجتماع، مؤكداً أهمية تعزيز التنسيق والتشاور والشراكة بين دول الخليج واليمن في جميع المجالات. كما أكد المجلس الوزاري على متابعة تنفيذ مخرجات الاجتماع الحادي والعشرين للجنة الفنية المشتركة لتحديد الاحتياجات التنموية للجمهورية اليمنية، لتقديم الدعم اللازم لتمكين حكومة الجمهورية اليمنية من استكمال تنفيذ المشاريع التنموية، وتقديم الخدمات الأساسية للشعب اليمني الشقيق.
وتشمل دلالات هذا الاجتماع المشترك انفتاح دول الخليج على تمتين العلاقة مع اليمن وثقتها بمجلس القيادة الرئاسي والأطراف الممثلة فيه، وهو ما قد يترتب عليه زيادة مجالات انضمام اليمن إلى مؤسسات مجلس التعاون الخليجي تمهيداً لانضمام اليمن الكامل إلى المجلس بحكم وحدة الهوية القومية والدينية والتقارب الجغرافي والثقافي.
ومن المجالات التي انضم فيها اليمن إلى مؤسسات مجلس التعاون الخليجي:
* مكتب التربية العربي لدول الخليج العربي
* مجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون
* مجلس وزراء العمل والشئون الاجتماعية بدول مجلس التعاون