تثير دعوات نقل مختلف المؤسسات، سواء منها التي في صنعاء أو في بقية المناطق، إلى العاصمة المؤقتة عدن تحمّس الجنوبيين لها باعتبارها اعترافا بدورهم وتثمينا له، لكنها في الوقت نفسه تطرح التساؤل عما إذا كانت الخطوة ستفضي إلى تثبيت سلطة الانتقالي الجنوبي أم إلى شرعنة وجود الشمال بمؤسساته ورموزه على أرض الجنوب؟
وتمارس الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية ضغوطا على الكثير من المؤسسات (بنوك وشركات اتصالات ووكالات أسفار ووزارات.. إلخ) لنقل مقارها إلى عدن بهدف عزل الحوثيين وقطع أي تواصل لهم مع العالم، وهو تمش يصب في مسار الحصار الأميركي المضروب عليهم ردّا على استهداف السفن في البحر الأحمر.
لكنّ نشطاء جنوبيين يقولون إن نقل مؤسسات من محافظات شمالية -بما في ذلك صنعاء- إلى عدن سيخلق بشكل طارئ نفوذا اقتصاديا وماليا وبشريا شماليا في عاصمة الجنوب يضفي شرعية على وجوده تحت مظلة المصالح الاقتصادية، ما يعيق في المستقبل مساعي الاستقلال.
ويحذر النشطاء الجنوبيون من أن نقل المؤسسات إلى عدن لا يتم بهدف دعم وضعها كعاصمة لدولة الجنوب وإنما كعاصمة للمناطق اليمنية التي لا يسيطر عليها الحوثيون، وأن هذا المسار يخلق معادلة جديدة في غير صالح الجنوبيين أولها الاعتراف بصنعاء عاصمة للحوثيين والتسليم بذلك، وثانيها القبول بأن تكون عدن عاصمة لبقية المحافظات وليست خاصة بمحافظات الجنوب ودولة الجنوب المنشودة.
ويضيف النشطاء أن تحكم مؤسسات من خارج الجنوب في عدن وامتلاكها التمويلات والاستثمارات وتحكمها في الخدمات، كل هذا سيجعلها صاحبة القرار، وليس مستبعدا أن يكون الهدف من وراء ذلك هو تقييد دور المجلس الانتقالي والحد من حركته ومطالبه وجعله طرفا ثانويا في حكومة شمالية.
ويرى الداعمون لنقل المؤسسات إلى عدن أن ما يهم في الوقت الراهن هو إنقاذ عدن من الوضع الصعب الذي تعيشه، وأن وجود المؤسسات الاقتصادية سيضفي على اقتصاد محافظات الجنوب الكثير من الحيوية ويحسّن الخدمات وعيش السكان، وهذا ما يريده المجلس الانتقالي الجنوبي في الوقت الراهن، خاصة أن الوضع الصعب الذي يعيشه السكان قد دفع إلى توجيه انتقادات لقيادة المجلس ولخياراته ودعوات لوقف العمل باتفاق الرياض والشراكة مع الشرعية اليمنية.
ويقول المجلس الانتقالي إن هذا التمشي يهدف إلى “انتشال عدن والجنوب من الأزمات المتراكمة، وتحقيق الاستقرار والتخفيف من حدة الأزمات التي تعصف بالمواطنين”.