تتطور الاحداث في اليمن بصورة سريعة، نحو فرض تسوية شاملة بين أطراف الحرب في اليمن، الحوثي والشرعية بأجنحتها المتعددة، كما يبدو من خلال توجه دولي تقوده الولايات المتحدة الامريكية، باستخدام أداتين رئيسيتين متكاملتين، هما دور السعودية كوسيط ودور المبعوث الاممي ومكتبه كأداة مطبقة ومتابعة لبنود التسوية، هذه التسوية المتوقع أن تكون مبنية على اساس الحفاظ على مصالح القوى الاقليمية المتدخلة بحرب اليمن، ضمن صراع النفوذ فيما بينها. إن هذه المقدمة تعني أن يتم تمهيد الساحة المحلية في اليمن، كي تكون مهيأة لاستيعاب ما سيترتب من اجراءات وتوازنات تنتجها التسوية، للتأكد من حفظ المصالح الاقليمية لدول الحرب في اليمن، لذلك لو امعنا النظر في مجريات الامور في الفترة الاخيرة، في مناطق الشرعية، او على مستوى الاتصال الحوثي السعودي، سنجد ان دول التحالف كل على حدة يسعى لهيمنة كاملة عبر أذرعه المحلية، في مناطق نفوذه، كما أن معادلة القوى المحلية ترتكز على نفس مبدأ الهيمنة، مع محاولات مختلفة لتحقيق اختراقات في صفوف الحلفاء المنافسين في مناطق أخرى. حيث يمكن ان تكون خصائص المقاربة في هذه الحالة تقوم على اساس الافتراضات الاتية: ١. بينما الوضع العسكري في الحقيقة يحتاج تدخلا يعدل ميزان القوى في مواجهة الحوثي وتجبره..أنما ذلك لن يحدث بالضرورة وستمضي التسوية مع وجود قوة الحوثي طالما والسعودية قابلة بهذا الوضع. ٢. ينظر الامريكان الى ان معادلة الوضع الذي ستسفر عنه التسوية لن يكون شماليا جنوبيا انما سيكون حوثيا من جهة او كفة وائتلاف واسع جنوبي شمالي لمواجهته تقوده شخصيات وقوى تتفاوت في حجمها واوزانها ونفوذها المحلي. ٣. لن يمضي الجنوب بصيغة انعزالية انفصالية لان ذلك سيضعف التحالف المقابل للحوثي لكنه ايضا لن يدخل الى التحالف مستضعفا حفاظا على المصالح الاماراتية انما دون تسيد مطلق. إذن فإن التوليفة القادمة يتم وضع خطوطها العريضة وتشكيلة شخوصها من الان..خارج اي اعتبارات او توقعات تحمل بعدا وعمقا وطنيين يتسعان افقيا في كل اليمن وانما من خلال بقع محلية على خريطة اليمن كانها ثوب قديم مرقع..وهذا يعني زيادة مسئولية الجنوبيين تجاه الوحدة بحكم توازن المصالح اكثر من توجههم الى جنوب لن يتمكنوا بسهولة من الحصول عليه. تتزامن هذه الترتيبات بتهيئة أرض الملعب ولو بالتعسف السياسي او العنف العسكري واستعراض القوة الذي قد يتطلبه الامر، من وقت الى اخر، يمر الوقت بتسارع في تغيير وتحسين شروط المفاوضات وتحقيق المكاسب وفق معايير كل قوة او طرف في الساحة السياسية، لتتدخل متغيرات جديدة على الارجح ستفرضها القوى الدولية، كما في مسألة رفع العقوبات عن آل عفاش الاب والابن، على أمل صياغة معادلة متزنة لليمن القادم المشروط بقائه بتكافؤ المصالح الاقليمية ومن خلفها. أين ستذهب الشرعية؟! يبدو للوهلة الأولى، نتيجة لعدم انسجام أداء أطراف الشرعية الثمانية، وعدم تحقيقهم اي نجاح يذكر، أن الشرعية ستدفع ثمن انتحارها بالمجان بتوقيعها على اتفاق التسوية، لسبب بسيط وهو ان اي ترتيبات قادمة بالتأكيد ستمس هيكلها، بل قد تعبث به تماما، بينما الحوثي وفريقه سيظهرون على قائمة اللاعبين الاساسيين في التشكيلة الجديدة، هذا الوضع سيكون هو المرحلة الاولى من التسوية الشاملة، لكن لابد له من آلية عمل وزمن كي تتحقق بقية مستلزماته، وهنا تظهر اهمية المرحلة الانتقالية، التي سيقودها رجال لابد ان يكونوا مقبولين من كافة اطراف التسوية ظاهريا او ضمنيا، هؤلاء الاشخاص سيمنحون دعما مريحا من دول التحالف، مع قبول المختلفين محليا بأدوارهم. الاحزاب على الهامش نتيجة اتساع رقعة العمل الحزبي التقليدي، نجد ان الاحزاب هي الاخرى، من الوارد جدا أن تعتبر في محل العقبة الثانية بعد الشرعية في مواجهة المشروع الجديد لليمن، بارادتها او رغما عنها، لكن من السهل ان توضع بين خيارين، اما أن يتم استقطابها وتمزيقها بين الاطراف واما أن توضع على هامش الحدث حتى اشعار اخر، لهذا فإن ازاحتها او تجميعها مرة تلو مرة، يصبح لعبة احترافية تستدعى عند الطلب على طريق اليمن الجديد، اذن تشكل الاحزاب السياسية عبأ اضافيا امام التسوية، عليهم ان ينفذوا بجلودهم في هذه الحالة او يعيدوا ترتيب علاقاتهم و ادوارهم وشراكاتهم. ماذا سيفعل الانتقالي؟! لا توجد خيارات وفرص كثيرة امام الانتقالي في ادراك مشروعه وانفاذه على ارض الواقع الا من منطلق وحيد وهو التسيد على المنطقة التي تريد السيطرة عليها دولة شريكة في التحالف تدعمه ليلا ونهارا، بالتالي فاقصى نسبة قد يحققها من توقعه لن تتجاوز ٣٠ % من الحصص في التسوية الشاملة وهي التي في حالة استثنائية جدا قد تسمح له بالانفصال بها، خياراته وفرصه المحدودة هي التي تجعله يزداد قلقا واهتزازا كل يوم مع ابسط مشكلة قد تكون حتى فردية. القوى الدينية على ثلاثة محاور اعداء في القتال، شركاء في التسوية، هذه حال القوى الدينية المسيسة، كانت جماعة الاصلاح من الاخوان او حركة الحوثيين او قوات العمالقة، هؤلاء جميعا غير قلقين على مواقعهم، ايضا هم ليسوا مقلقين فمتى ما طلب منهم الاقتتال سيقتتلون ومتى ما طلب منهم الاكتفاء والتوقف سيتوقفون هذه آلية عملهم المعتادة، ولن يجدوا صعوبة في التواجد وسط كل حصة من حصص الدولة اليمنية الجديدة، شمالا او جنوبا او شرقا او غربا، كما انه ليس مطلوبا منهم اي مناورات سياسية معقدة كالتي ستواجهها الاحزاب. ما بعد الفترة الانتقالية إن ما يحتاجه الابن أحمد فقط، هو كيف يمكن ان يمنح شرعية كافية ومقنعة، في هذه الحالة ليس امامه الا الحصول على الدعم الامريكي، ومؤتمر حوار يمني او ما شابهه للدفع به الى صدارة المشهد..أو أن يكون مرشحا رئاسيا تنتخبه الجماهير فيما يلي المرحلة الانتقالية، من المتوقع اذن ان تنقضي الفترة الانتقالية في التمهيد له للنجاح لاحقا الى الرئاسة او الدفع به الى الخضم منذ الان مما قد يتسبب في احراقه مبكرا نتيجة سخونة المشهد السياسي وما يحتدم تحته من امكانية حرب محددة الفترة ومحكومة الاجهاد لتعديل موازين القوى عسكريا لانجاز التسوية، بعد فترة البيات التي مر بها خلال السنوات الماضية، وبالمناسبة قد لا يواجهه اي احد قوي كمرشح رئاسي منافس..ومن هنا تنبع اهمية استخدامه كورقة مستقبلية.