الصدارة سكاي / متابعات
سواء كان الحوثيون يمتلكون صواريخ فرط صوتية أم لا، يعتقد المحللون أنه من الضروري اتخاذ إجراءات أكثر حزمًا تجاه تدفق الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين في اليمن٠
صنعاء – في الخامس عشر من سبتمبر، أطلق الحوثيون صاروخًا باليستيًا نحو إسرائيل، في أطول هجوم نفذته الجماعة على الأراضي الإسرائيلية حتى الآن٠
ورغم أن الصاروخ سقط في منطقة مفتوحة بالقرب من مطار بن غوريون الدولي، إلا أنه لم يُسجل أي إصابات، واكتفى بإحداث أضرار مادية٠
في الساعات التي تلت الهجوم، قدم قادة الحوثيين ادعاءات غريبة بشأن الضربة، مدعين أن السلاح المستخدم كان صاروخًا فرط صوتي. يُستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى الصواريخ القادرة على السفر بسرعة لا تقل عن 5 ماخ، أي خمسة أضعاف سرعة الصوت٠
لا يثير هذا الادعاء القلق بسبب السرعات العالية فقط، بل لأن الصواريخ الأسرع من الصوت تتمتع بقدرة على المناورة أثناء الطيران، مما يجعل من الصعب على أنظمة الدفاع الصاروخي اعتراضها، على عكس الصواريخ الباليستية التقليدية التي تتبع مسارًا يمكن التنبؤ به٠
في الوقت الذي نفى فيه مسؤول في قوات الدفاع الإسرائيلية قدرة الصاروخ على الوصول إلى سرعات تفوق سرعة الصوت، أشار مسؤولون حوثيون لاحقًا إلى أن الصاروخ قطع مسافة تزيد عن 2000 كيلومتر بسرعة 9 ماخ٠
إضافة إلى ذلك، زاد الحوثيون من جهودهم، حيث نشروا مقطع فيديو مدته دقيقتان يظهر إطلاق صاروخهم المسمى فلسطين – 2، والذي كان مكتوبًا على جانبه كلمة “فرط صوتي” باللغة الإنجليزية٠
كما ادعوا أن صاروخ فلسطين – 2 يتمتع بمدى يصل إلى 2150 كيلومترًا، ويعمل بالوقود الصلب على مرحلتين، ويمتلك شكلًا من أشكال “تكنولوجيا التخفي”، بالإضافة إلى إمكانية الوصول إلى سرعات تصل إلى 16 ماخ٠
وزعم الحوثيون أيضًا أن هذا النظام قادر على التهرب من معظم أنظمة الدفاع الجوي المتطورة، بما في ذلك القبة الحديدية الإسرائيلية٠
تشير إميلي ميليكين، مديرة الإعلام والاتصالات في مركز رفيق الحريري، في تقرير نشره المجلس الأطلسي إلى أن مزاعم الحوثيين بشأن هذه التكنولوجيا المتقدمة يجب أن تؤخذ بحذر كبير. حتى الآن، لم تُظهر سوى الولايات المتحدة والصين والهند وروسيا قدرات تفوق سرعة الصوت٠
فعلى سبيل المثال، أسرع سلاح يفوق سرعة الصوت، وهو صاروخ زركون الروسي، لا يمكنه السفر إلا بسرعات تصل إلى 8 ماخ وبمدى 1000 كيلومتر٠
نظرًا للعقوبات الدولية وحظر الأسلحة المفروض على الحوثيين وإيران، يبدو من غير المحتمل أن يتمكن الحوثيين أو داعموهم من تطوير نظام أقوى بمرتين من النظام الذي ابتكره الروس. علاوة على ذلك، تميل إيران إلى المبالغة في تقدير إنجازاتها العسكرية٠
فعلى سبيل المثال، ادعت طهران أنها طورت طائرة مقاتلة شبحية تُدعى قاهر 313، ولكن تبين لاحقًا أنها كانت مجرد نموذج مجسم يُرجح أنه غير قادر على الطيران٠
حتى إذا تمكنت إيران من تطوير قدرات تفوق سرعة الصوت، فمن غير المحتمل أن تنقل هذه الأسلحة إلى الحوثيين٠
فتكاليف تطوير هذه الأنظمة وإنتاج مثل هذه التكنولوجيا بكميات كبيرة تعني أن هذه الأسلحة المتقدمة ستكون في حالة نقص، وسيتم الاحتفاظ بها لاستخدام الحرس الثوري الإيراني٠
إذا قرر الحرس الثوري نقل بعض إمداداته المحدودة، فمن غير المتوقع أن تُخصص هذه الأسلحة للحوثيين٠
على الرغم من تلقي الحوثيين دعمًا من النظام الإيراني لأكثر من عقد، كما يتضح من الهجمات عبر الحدود التي شنها الحوثيون ضد الإمارات العربية المتحدة في عام 2022م، فإن التقارب الأخير بين إيران والإمارات لم يمنع الحوثيين من الاحتفاظ بدرجة معقولة من الاستقلال عن إيران٠
في حال تم نقل الأسلحة، فمن المرجح أن تُوجه إلى مجموعة أخرى تحت سيطرة النظام بشكل أكثر مباشرة، مثل حزب الله في لبنان. ومع ذلك، لم يمنع ذلك الحوثيين أو الحرس الثوري من الادعاء بخلاف ذلك٠
وفي مارس الماضي زعم تقرير روسي أن المتمردين المتمركزين في اليمن يمتلكون صاروخًا فرط صوتي يعمل بالوقود الصلب وقادرا على الوصول إلى سرعات تصل إلى 8 ماخ٠
كما زعم أن المجموعة تنوي البدء بتصنيع النظام لاستخدامه في الهجمات على الشحن في البحر الأحمر والأراضي الإسرائيلية٠
ومن جانبه يزعم الحرس الثوري الإيراني منذ عام 2022 على الأقل أنه طور سلاحًا فرط صوتي قادرًا على الوصول إلى سرعات تصل إلى 15 ماخ ومدى 1400 كيلومتر٠
وعلى الرغم من عدم وجود تقارير عن اختبار النسخة الأولى من مثل هذا السلاح، كشف الحرس الثوري عن نسخة “مطورة” من صاروخ فاتح الأسرع من الصوت بعد أكثر من عام بقليل٠
وزعمت بعض المصادر أن إيران أطلقت صواريخ فاتح هذه خلال هجومها في 14 أبريل الماضي على الأراضي الإسرائيلية وأن الأنظمة أفلتت من أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية٠
ولكن مجرد كون الصاروخ لم يكن أسرع من الصوت لا يعني أنه يجب تجاهل الهجوم٠
ففي الواقع هناك ثلاثة تفاصيل حاسمة تجعله نقطة تحول مهمة في هجوم الحوثيين ضد إسرائيل والمصالح الإسرائيلية٠
أولاً، كان الصاروخ أطول هجوم مسجل على الأراضي الإسرائيلية من اليمن، حيث قدرت حتى التقارير غير الحوثية أن الصاروخ طار أكثر من 1900 كيلومتر قبل أن يتحطم، ما وضع أهدافًا إسرائيلية جديدة في المدى٠
وثانيًا، كان النظام قادرًا على تجنب أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية جزئيًا على الأقل، حيث وجدت التقييمات الأولية للقوات الجوية الإسرائيلية أن نظام أرو الخاص به أصاب الصاروخ، لكنه لم يدمره بالكامل٠
وأخيرًا، من بين أمور أخرى، زعم الحوثيون مرارًا وتكرارًا أن النظام يستخدم الوقود الصلب، وهو أمر مهم إذا كان صحيحًا لأن الصواريخ التي تعمل بالوقود الصلب تستغرق وقتًا أقل في الإعداد والإطلاق من تلك التي تعمل بالوقود السائل، ما يجعل استهدافها أكثر صعوبة بالنسبة إلى الولايات المتحدة والقوات المتحالفة٠
ومع تهديد الحوثيين بشن هجمات إضافية قبل الذكرى السنوية لهجوم حماس في 07 أكتوبر 2023م على إسرائيل، يجب على الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما في المنطقة الاستعداد للمزيد من الهجمات٠
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة أرسلت طرادات ومدمرات إضافية قادرة على الدفاع ضد الصواريخ الباليستية، بالإضافة إلى سرب مقاتلات والمزيد من الدفاعات الصاروخية الباليستية البرية، فإن الجهود الرامية إلى اعتراض الأسلحة الإيرانية ومكونات الأسلحة أثناء نقلها إلى الحوثيين تحتاج إلى إعطاء أولوية أكبر، حتى أن الولايات المتحدة علقت بأن إيران ترسل كمية “غير مسبوقة” من الأسلحة إلى المتمردين٠
ولأن هذه الهجمات تعمل على إضفاء الشرعية على مزاعم الحوثيين بأنهم في حالة حرب مع إسرائيل، وتعزيز الدعم المحلي والدولي لهم قبل مفاوضات السلام مع المملكة العربية السعودية، لا ينبغي أن نتوقع أن تتوقف في أي وقت قريب٠