في تقرير نشرته مجلة الأمن القومي الأمريكية “National Security Journal”، ألقى الباحث مايكل روبين الضوء على ما يصفه بنقطة ضعف رئيسية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، حيث يتجاهل صانعو القرار الأمريكي مطالبات كل من صوماليلاند وجنوب اليمن بالاستقلال، رغم الفرص الاستراتيجية والأمنية التي قد تأتي من دعم هذه التطلعات. ويشير روبين إلى أن الاستمرار في نهج واشنطن التقليدي الذي يدعم الحفاظ على حدود الدول كما هي، يحرمها من شراكات محتملة مع كيانات سياسية أثبتت قدرتها على تحقيق الاستقرار والحوكمة المستقلة.
وألقى روبين الضوء على تناقضات واشنطن في التعامل مع ذلك، قائلا “في حين كانت الولايات المتحدة تبارك ذات يوم انفصالها لصالح الحرية والأمن، فإن وزارة الخارجية اليوم تفعل العكس، وغالبًا ما تحقق نتائج معادية للحرية والمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة.”
ويركز التحليل على صوماليلاند، التي كانت جمهورية مستقلة قبل أن تتحد مع الصومال، مشيرًا إلى أنها حققت استقرارًا نسبيًا وتقدماً في بناء مؤسسات ديمقراطية مقارنة بالحكومة المركزية في مقديشو التي تعاني من الفساد وعدم الاستقرار وتهديدات الإرهاب المستمرة.
ويشير روبين إلى أن صوماليلاند استطاعت التصدي بفعالية للإرهاب، وخلق بيئة سياسية منفتحة وأكثر ديمقراطية مقارنة بمحيطها، ما جعلها نموذجاً محتملاً للشراكة القوية مع الولايات المتحدة في منطقة القرن الأفريقي المضطربة.
أما في السياق اليمني، فيطرح روبين قضية “المجلس الانتقالي الجنوبي” الذي يسعى إلى إعادة استقلال الجنوب، حيث يدير المجلس مناطق أكثر استقرارًا وأمانًا نسبيًا مقارنة بالشمال الذي تسيطر عليه جماعة الحوثيين المدعومة من إيران. ويرى روبين أن دعم استقلال جنوب اليمن يمكن أن يساعد في تحقيق توازن للقوى في المنطقة، وتقليل النفوذ الإيراني في اليمن، ما يساهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي.
ويستعرض روبين أيضًا المخاوف الأمريكية من أن يؤدي الاعتراف بصوماليلاند أو جنوب اليمن إلى فتح الباب أمام مزيد من الحركات الانفصالية حول العالم، مما قد يعقد خريطة التحالفات الدولية. غير أن الكاتب يرى في هذه الحالة أن صوماليلاند وجنوب اليمن يختلفان عن غيرهما، حيث أن كلا الكيانين كانا دولتين مستقلتين من قبل، كما أن الحركات الاستقلالية في هذه المناطق مدفوعة برغبة قوية في الحفاظ على الاستقرار ومكافحة التهديدات الأمنية المحلية، بعكس بعض الحركات الانفصالية الأخرى التي تكون مشحونة بالصراعات الداخلية.
وأشار روبين إلى أنّ وزارة الخارجية الامريكية قد اعترفت في السابق بكلا البلدين. فقد هنأ وزير الخارجية تشارلز هيرتر أرض الصومال على استقلالها في عام 1960، واعترفت وزارة الخارجية رسمياً بجنوب اليمن في عام 1967 .
وقال روبين إن “الاعتراف بإرادة سكان أرض الصومال وجنوب اليمن، سواء بشكل مباشر أو بعد استفتاء تحت إشراف دولي، ليس له أي مساوئ.”
على العكس من ذلك، يعتقد روبين بأنّ “الأمن الذي قد توفره كل من الدولتين في منطقة غير مستقرة سوف يكون ذا قيمة لا تقدر بثمن بالنسبة لحرية الملاحة البحرية المستقلة ومواجهة ترسيخ النفوذ الإيراني في اليمن والنفوذ الصيني والتركي في الصومال.”
ويختم روبين مقالته بالقول “في كثير من الأحيان يستشهد الدبلوماسيون الأميركيون بسوابق لتبرير تجاهل تطلعات أرض الصومال وجنوب اليمن. ومن عجيب المفارقات أن وزارة الخارجية الأميركية نفسها لا تفهم السوابق.”