وقّع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي الإثنين اتفاقا يقضي “بدمج” كافة المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية في إطار الدولة السورية، وذلك في إطار مساعي السلطة الجديدة لتكريس شرعيتها في البلاد.
وجاء الإعلان عن الاتفاق المؤلف من ثمانية بنود ويُفترض أن تعمل لجان مشتركة على إتمام تطبيقه قبل نهاية العام، في وقت تشكل فيه أعمال العنف التي أوقعت أكثر من ألف قتيل مدني، غالبيتهم الساحقة علويون، في الساحل السوري، اختبارا مبكرا للشرع الساعي الى ترسيخ سلطته على كامل التراب السوري.
ونشرت الرئاسة السورية بيانا وقّعه الطرفان الاثنين وجاء فيه أنه تم الاتفاق على “دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز”.
ونص الاتفاق كذلك على “دعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول الاسد وكافة التهديدات التي تهدد امنها ووحدتها”.
وفي وقت لاحق، قال عبدي في منشور على منصة أكس ان “الاتفاق فرصة حقيقية لبناء سوريا جديدة تحتضن جميع مكوّناتها وتضمن حسن الجوار”، مضيفا “في هذه الفترة الحسّاسة، نعمل سويا لضمان مرحلة انتقالية تعكس تطلعات شعبنا في العدالة والاستقر
ار”.
وتسيطر الإدارة الذاتية الكردية المدعومة أميركيا على مساحات واسعة في شمال وشرق سوريا، تضم أبرز حقول النفط والغاز. وشكّلت قوات سوريا الديمووقراطية، ذراعها العسكرية، رأس حربة في قتال تنظيم الدولة الإسلامية وتمكنت من دحره من آخر معاقل سيطرته في البلاد عام 2019.
ويؤكد الاتفاق كذلك على أن “المجتمع الكردي مجتمع أصيل في الدولة السورية” التي “تضمن حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية”. ويشدد كذلك على “ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في الحياة السياسية وكافة مؤسسات الدولة”، إضافة الى “رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري”.
وفور الإعلان عن توقيع الاتفاق، شهدت مدن سورية عدة تجمعات احتفالا، بينها مدينة القامشلي ذات الغالبية الكردية، وفق ما افاد مصور فرانس برس.
وقبل عام 2011، عانى الأكراد طيلة عقود من سياسة تهميش اتبعتها الحكومات المتلاحقة، لكن نفوذهم تصاعد بعد انسحاب قوات النظام من مناطق تواجدهم بدءاً من 2012 مع اتساع رقعة النزاع.
وبعدما عانوا خلال حكم عائلة الأسد من تهميش وقمع طوال عقود، حُرموا خلالها من التحدث بلغتهم وإحياء أعيادهم وتم سحب الجنسية من عدد كبير منهم، بنى الأكراد خلال سنوات النزاع إدارة ذاتية في شمال شرق سوريا ومؤسسات تربوية واجتماعية وعسكرية.
وشملت الإدارة الذاتية بداية مناطق ذات غالبية كردية قرب الحدود مع تركيا، لكنها توسّعت تدريجيا لتشمل مناطق ذات غالبية عربية مع سيطرة قوات سوريا الديموقراطية، وعمادها المقاتلون الأكراد، بدعم أميركي، على مساحات شاسعة كانت تحت حكم تنظيم الدولة الإسلامية.
– محادثات سلام –
ويشكل المكون العربي أكثر من ستين في المئة من سكان مناطق الإدارة الذاتية، وفق الباحث في الشأن السوري فابريس بالانش.
ومنذ وصول السلطة الجديدة الى دمشق، ابدى الأكراد انفتاحا، معتبرين أن التغيير “فرصة لبناء سوريا جديدة.. تضمن حقوق جميع السوريين”.
لكن الأكراد استُبعدوا من الدعوة لمؤتمر حوار وطني عقد الشهر الماضي في دمشق وحدد عناوين المرحلة الانتقالية، بذريعة أنهم لم يلبّوا دعوة دمشق في التخلي عن سلاحهم وحل قواتهم، على غرار العديد من الفصائل المعارضة.
وجاء توقيع الاتفاق الذي لم يشر الى تسليم السلاح أو حل التشكيل العسكري، بعد دعوة زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، في إعلان تاريخي في 27 شباط/فبراير، الى حل الحزب والقاء السلاح، في خطوة رحب بها أكراد سوريا.
وكان عبدي قال في اليوم ذاته “لا نريد أن نحلّ قسد، بل على العكس، نرى بأنّ قسد سوف تقوّي الجيش السوري الجديد”.
ولطالما اتهمت تركيا، حليفة السلطة الجديدة في دمشق، وحدات حماية الشعب الكردية التي تقود قوات سوريا الديموقراطية، بالارتباط بحزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة وأطراف غربيون منظمة “إرهابية”.