غابت مظاهر الإحتفاء بعيد الفطر المبارك للعام الثامن في محافظة الضالع.
على غير ما جرت عليه العادة في محافظة الضالع، ككل عام من بداية أيام شهر رمضان المبارك تشهد الأسواق إقبالا كبيراً وأزدحاماً للمرتادين، وتكتظ الشوارع بحركة المرور.
كل ذلك استعداداً لشراء متطلبات شهر رمضان المبارك التي اعتاد أبناء المنطقة توفيرها خلال هذا الشهر المبارك.
و من المتابع والمشاهد للوضع العام أجرينا استطلاعاً ننقل فيه الصورة كما هي لتروي قصتها.
مما تشهده البلاد من تدهور للعملة المحلية أمام العملة الأجنبية (الدولار) إضافة إلى إرتفاع أسعار المشتقات البترولية وارتفعت مقابلها أجور النقل, الأمر الذي زاد من غلاء الأسعار وحرم السكان من شراء احتياجات ومستلزمات العيد.
بالرغم من الجهود الدولية والأممية لإحلال السلام والجلوس على طاوله المفاوضات والتوصل إلى سلام شامل ،تلبية لطموحات وآمال الشعب في المحافظة على النسيج الإجتماعي ووقف نزيف الدماء، وتضميداً للجراح، ومواجهة للأزمات الإنسانية والسياسية التي نتجت عن الحروب بين أبناء الشعب، تمهيداً لسلام شامل ودائم.
الأستاذ عبدالرقيب الحصيني 41 عاما يعمل موظفا في حقل التعليم يقول بعد مرور عاماَ على تشكيل المجلس الرئاسي حيث استبشرنا فيه خيراً في تحسين أوضاعا المعيشية وخفض الأسعار، إلا إنه خيب آمالنا. مبيناً أن الأوضاع كما هي لم نلاحظ اي انفراجة اوتحسن ملحوظ للوضع الإقتصادي.
أحمد صويلح من أبناء الضالع 48 عاما يعمل شرطي يقول رواتبنا متوقفه منذ عاماً كامل و أحوالنا ضاقت بنا ولم نعد نتحمل المهانه تعبنا من الجري بعد لقمة العيش حيث أعمل في مزارع القات بالكاد أستطيع أن أوفر قوت يومي لأولادي.
ويضيف نار غلاء الإسعار أحرقت اكبادي بسبب عدم توفير احتياجات الاسرة.
غلاء فاحش
جشع بعض التجار اللامحدود ضاعف أسعار المواد الغذائية، في ظل إرتفاع متزايد يوماً بعد يوم حيث شهد شهر رمضان الفضيل لهذا العام إرتفاعا جنونيا للأسعار مقارنة بغيره من الشهور سواء في المواد الغذائية أو الملابس مما زاد من معاناة العامة.
المواطن أحمد علي 45 عاما لديه سبعة أبناء يعمل عاملاً بالأجر اليومي يقول غلاء الإسعار في هذا العام غير كل الأعوام حتى نفوس وطبائع التجار تغيرت “زي الموجة متقلب كل ساع بوجهه” اصابهم عمى الدولار.
الطمع أعمى بصائر بعض التجار الذين لا يراعون حرمة رمضان ولم يؤثر فيهم حرمة الصيام لا من رحم متناسين قول النبي صلى الله عليه وسلم من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.
اما عبدالله حسين يبلغ من 50 عاما لديه خمسة أبناء يعمل عاملا بالأجر اليومي بعث رسالة للتجار مفادها أننا لا نريد زكاتكم خفضوا الأسعار. مظاهر الإستقبال تختفي
قبل تدهور الوضع الاقتصادي، كان للعيد طقوس يمارسها كل ابناء الضالع بشكل عام، كشراء الثياب الجديدة وصناعة الحلويات في المنازل، والتحضير لـ “عواده” التي يستضيفها عادًة أكبر أفراد العائلة سنًا أول أيام العيد.
“أم محمد” من قرية السرير مديرية جحاف غرب محافظة الضالع تبلغ سبعون عاما تتمسك بعاداتها وتقاليدها برغم كبر سنها الا أنها تتمتع بالصحة والحيوية.
ام محمد لديها ثلاثة أبناء ( طبيبين ومهندس) متزوجون ويقيمون مع عوائلهم في محافظة عدن حيث يعملون فيها يأتون في المناسبات الدينية ( الأعياد) لزيارة الأهل والأقارب
تقول ام محمد ” اقوم بالتحضير والاستعداد للعيد قبل العيد بيومين حيث اشرع في اعداد كعك العيد والمسكرات بأنواعها المختلفة ” الكعك يتكون من (دقيق وسمن وبيض والحليب والسكر).
وتضيف ام محمد بقولها اصنع الكعك من اجل إسعاد احفادي وابنائي الذين يأتون مع عوائلهم في كل العيد لزيارتي حيث يقضون اجازة العيد معي في بيت ابيهم.
تعد هذه المناسبة الدينية فرصة لتقوية العلاقات العائلية وتعزيز قيم التضامن ونشر الفرح والسرور، .حيث تتفنن النساء في تحضير الكعك والمسكرات المتنوعة لإستقبال الزوار صبيحة العيد.
حلويات تقليدية وعصرية
تحرص الأسر في الضالع في عيد الفطر على إستقبال الضيوف بأطباق متنوعة الكعك و الحلويات والمكسرات ( اللوز والزبيب والشوكولاته، ولهذا الغرض تقصد بعض النساء المحالّ التجارية لشراء ما يرغبن فيه، حيث تتنوع العروض وتختلف حسب القدرة المادية لكل أسرة.
وتلجأ بعضهن النساء إلى شراء احتياجاتهن جاهزه، فيما تفضل أخريات تحضيرها بأيديهن.
ام صالح 39 عاماً ربة بيت لديها سته من الأطفال اكبرهم صالح 13 عاماً تقول لا استطيع أن أوفر كافة المستلزمات العيد من السوق بسبب غلاء الاسعار ولذا أفضل صناعة الكعك في المنزل.
خالد الجنيد صاحب محل الحشائي للمكسرات يشير خالد إلى تراجع الإقبال مقارنة بالسنوات الماضية بسبب التلاعب بأسعار صرف العملات الاجنبية حيث نشتري البضائع بالريال السعودي وكذلك نتحمل رسوم الحوالة التي أضرت مادياً بالكثير من التجار،وانعكس ضعف الطلب على المنافسة والعروض.
تضامن اجتماعي
تنتشر الأعمال التطوعية طيلة شهر رمضان بمساعدة المحتاجين وإفطار الصائمين،و تتواصل روح التضامن في الأيام الأخيرة منه وتبلغ ذروتها، إذ تنشط الجمعيات الخيرية المحلية في توزيع كسوة العيد على الأطفال الأيتام وأطفال الفقراء والمعسرين في أغلب مديريات المحافظة حيث يستفيد منها آلاف الأطفال.
مؤسسة بسمة لرعاية الأيتام و الأرامل بمديرية قعطبة نفذت توزيع الملابس الجاهزة ( كسوة العيد) للعام 3 لعدد (558) يتيم ويتيمةً، بدعم سخي من أصحاب الأيادي البيضاء من أبناء المنطقة .
صدام زين النهام 38 عاما من مدينة قعطبة شمال الضالع احد الحاضرين يوصف الفرحة والإبتسامة التي ارتسمت على وجوه الأيتام التي لاتقدر بثمن ولا يوازيها إلا الثواب من رب العالمين
سعيد محمد غالب 45 عام يشيد بالدور الإنساني الإجتماعي التي تقوم به الجمعيات الخيرية الإجتماعية في تعزيز قيم المحبة والتراحم ونشر الفرح والسرور، تطبيقاً لحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاضدهم كمثل الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))
إستقبال العيد
وتبدأ الاستعدادات لإستقبال عيد الفطر في الضالع في الأسبوع الأخير من رمضان، إذ تغص المحالّ التجارية والأسواق بالراغبين في شراء ملابس العيد للأطفال والكبار.
حيث يميل الكبار إلى شراء ملابس تقليدية جاهزه خاصه للعيد
أما الصغار ففي الغالب يرتدون ملابس عصرية، ويرافقون آباءهم للسوق لاختيار لباس العيد وقياسه.
حيث يحرص أبناء الضالع في العيد على ارتداء الملابس التقليدية،وهي ” المعوز (أزأر) وقميص ( شميز ) والشال.
ويعتبر الحناء من العادات المرتبطة بعيد الفطر، إذ تميل النساء كبيرات السن إلى تخضيب أيديهن بالحناء، أما الشابات والبنات الصغار فيلجأن إلى نقاشات محترفات لنقش أيديهن بنقوش حناء بأشكال هندسية مختلفة،
وللحناء في الضالع مكانة خاصة فهي حاضره بقوة في المناسبات الدينية والافراح، إذ تعبر عن الفرح والبهجة والسعادة.
ومع إعلان ثبوت هلال شهر شوال، تشمر النساء عن سواعدهن، ويحضّرن كعك العيد التقليدية مثل “المسمن” “والمسكر” ووضعها في اطباق مخصصه للعيد حيث يتم وضع اللوز والزبيب والمسكرات وقطع الشكولاتة وبعض من العصائر المختلفة التي تقدم للمهنئين والزوار ذكوراً و إناثا، وتظل المائدة ممتلئة بشتى الأطباق طيلة اليوم لاستقبال المهنئين.
صلة الرحم
عيد الفطر في الضالع مناسبة لإحياء صلة الرحم وتقوية الروابط الأسرية والاجتماعية، ويجتمع أفراد العائلة للاحتفال بهذا اليوم المميز وتناول وجبة الغداء.
لا يقتصر إدخال الفرح والسرور على الأطفال الصغار فقط، بل يكون للكبار نصيب من الفرح
ولا تغلق البيوت أبوابها في الأحياء الشعبية حيث تستمر زيارات الأقارب والجيران والمعارف طيلة اليوم لتبادل التهاني.
وكما كان للأطفال مكانة أساسية طيلة شهر رمضان بتشجيعهم على الصيام والاحتفال بالصائمين الصغار، فلهم في العيد إهتمام خاص إذ يحرص أفراد العائلة والأقارب على منحهم العواده لإسعادهم في هذه المناسبة.
لا يكتمل عيد الفطر بالضالع إلا بعادات وتقاليد تتناقلها الأجيال، ويحرص الكبار على الحفاظ عليها ودفع الصغار إلى التشبت بها، وهي عادات تعطي العيدَ نكهة خاصة سمتها الغالبة إشاعة الفرح وروح التضامن وتقوية الأواصر بين أفراد العائلة والمعارف والجيران.
يودعون رمضان ويتمسكون بالاحتفال بالعيد وفق العادات تجسيداً لإرادة الحياة.