مضت سنوات منذ مصرع أفشل رئيس حكم اليمن بعد ثورة سبتمبر الخالدة …
التجاذبات و المراشقات التي اراها على صفحات الفيسبوك حول هل يجوز الترحم عليه أم لعنه ، وفق نظري هي سطحية و غوغائية إن كانت ترتكز على شخصه دون مرحلته ..
للعقل و المنطق و الضمير حسم مسألة كهذه و بكل بساطة على مقياس الدولة التي صنعها ..
يذهب العظماء بما صنعوه من منجزات يذكرها التاريخ، بينما ذهب الرجل بفشله و ما خلفه من فوضى صنعتها رقصاته على رؤوس الثعابين خلال حكمه …
أن ترى شاباً يمجدهُ و يترحم عليه فيما هو قد ترك وطنه و أهله للبحث عن لقمة العيش و تحت وصاية و ضغوطات الدولة التي يقطنها أمر مثير للسخرية والشماتة أكثر من التعجب حيث وانه نسى سبب ما هو فيه ؟!
أن ترى شاباً يمجده لم يتعلم في حياته و أضاع عمره بالشقاء و المعاناة هو أمرٌ مثير للشفقة و ليس الضحك فحسب !!
الطبيعي هو أن الاوفياء له ممن سقطت مصالحهم مع سقوطه هم من يحق لهم تمجيده و النياح و تذكر أيام فسادهم في عهده ..
و الغير طبيعي هو أن من يعانون من سياساته الفاشلة بالمثل كذلك يمجدونه …!
صنع عفاش خلال حكمه منظومة فاشلة من التعصبات و تم تجميلها بالاحزاب والجماعات التي فصلها وفق منظوره و مكره لغرض إظهار التعددية أمام العالم الحر و دول الغرب، ليكون صنيعه السيء ذلك في نهاية الأمر سبب هلاكه ..
بدأ الرجل حكمه بتحالفه مع تيارات قبلية و دينية و كذلك ختمه، و هي من انقلبت عليه في نهاية المطاف واطاحت به ..
كل اللاعبين اليوم على جراح هذا الوطن هم صناعته و صناعة فشله ، اتفقوا أو أختلفوا ، كانوا على حق أو باطل ..
جميعهم تلاميذ مكره و منافقوه و صامتين لعقود عن فشله ، هذه حقيقة لا ينكرها إلا جاهل بالتاريخ ..
تربوا على ذات نهجه و إن أختلفت الرؤى والسياسات في مراحل متأخرة و فقاً لمصالحهم ..
معظمهم باعوا واشتروا و تاجروا بالوطن و المواطن بشيكات مدفوعة وسيارات فارهة كان يتم إلجامهم بها من مكتب الرئاسة حينها ..
عن أي عصر و عهد و دولة يتحدث صغار العقول من شباب ومراهقي اليوم …
عن دولة فاشلة صنعها الرجل أشبه ببلاعة كانت ممتلئة لتنفجر مكوناتها و تظهر للعلن ما كانت تخبئه فيها خلال حكمه …
مقارنة سامجة و مهترئة حول الحال خلال حكمه و الحال اليوم ، فما وصل اليه الحال اليوم لم يكن لو انه صنع دولة بالمعنى الحقيقي للدولة …
لا غبار أن الحال اليوم أسوأ، لكنها ضريبة الصمت لمرحلة فساد سابقة وطويلة كانت تديرها أيدي الرجل المتسخة ، و من الطبيعي أن يصاحب مرحلة التطهير لما بعده الكثير من الألم ..
حماقة الظن بعصر ذهبي يلوح أفقه فور رحيل الرجل ، منظومة الفساد التي صنعها لا زال جزء كبير منها يتحكم بالمشهد اليوم ، و زوالها حتما قد يمتد سنوات لتجذرها في المجتمع و تقنعها بوجوه كثيرة …
عن أي دولة و منجزات يتحدث البعض حين يتم مقارنتها بدول اخرى نهضت و سبقتنا منذ أعوام ، هل كان شرطاً أن يواصل الرجل مشواره بعقلية الإمام أحمد كي نلعنه ونحكم بفشل دولته بالمُطلق !!
دولة تحكمها الأُسر و القبيلة و تُدار بالتلفون ليست دولة ناجحة …
دولة يظل صانعو القرار فيها يتقاضون رواتب لعقود طويلة من دولة مجاورة على مرأى و مسمع منها ليست دولة ناجحة ..
دولة قدمت التنازلات عن أراضيها لدولة مجاورة مقابل مصالح جهوية و ارصدة رخيصة لشخوص محدودين ليست دولة ناجحة …
دولة يسافر عشرات الآلاف منها للخارج و منذ اربعين عاماً لغرض العلاج ليست دولة ناجحة …
دولة تُعد من أكبر الدول التي يموت سكانها بالامراض والسرطان ليست دولة ناجحة …
دولة في باطن ارضها و على سفوحها ثروة مهولة أضف إلى ثروتها البشرية فيما سكانها يعانون الفقر و معدل نموها الاقتصادي( للخلف سر ) ليست دولة ناجحة …
دولة تُفرّخ الجماعات و التنظيمات الارهابية لتجعل من مواطنها مشبوها وذليلاً في كل مطارات العالم ليست دولة ناجحة ..
دولة جعلت مواطنها ارخص و افقر و أجوع و أمرض مواطن في العالم ليست دولة ناجحة ..
دولة يتحالف فيها رجل حكمها تحت ظل الجمهورية لثلث قرن مع أعداء الجمهورية ليست دولة ناجحة …
دولة تقتات على الازمات و تلعب بالبيضة والحجر وفق اهوائها و مصالحها الشخصية ليست دولة ناجحة ..
دولة تبخر فيها جيشا صنعه ماكر ولئيم و رباه على حساب شعبه، و دفع بعرق شعبه بما اشتراه من سلاح ليست دولة ناجحة …
هي بكل بساطة عصابة منظمة كانت ترتدي قناع الدولة يديرها شخص جاهل غير ذكي، لكنه ماكر، و المكر ليس كالذكاء !!!
النظر للنقطة البيضاء في صفحته السوداء و اعتبارها منجز شيء من البلاهة والنفاق و مقامرة غبية !!
أخيراً أنت كمواطن حُر يعي معنى الوطنية بدافع المنطق لا العاطفة :
عار أن تُمجد رجلا دفع بجنوده لقتل وقنص طفل و امرأة من أبناء وطنك و مدينتك و جلدتك ، كجانب إنساني و أخلاقي. لا تكن أنانياً و احترم مشاعر ضحاياه قبل كل شيء …
عارٌ و أنت بعيد عن وطنك و ترى كيف العالم يعيش و أين أصبحوا ثم تُمجد رجلا أحالت سياسته الفاشلة و دولته العائلية وطنك إلى ساحة حرب و دمار …
عار أن تظل مزماراً رخيصاً لحقبة فشل مضت، و تتهرب من صناعة حقبة قادمة ولو بالكلمة و تطعنها بالفشل !!
عار أن تمحو خطايا و ذنوب ثُلث قرن من الفشل و تقرف من خطايا بضعة أعوام مشغولة في محو آثاره .!!
كونوا للوطن قبل الأشخاص و الأحزاب ، يكن الوطن لكم …