ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢م في الشمال مثّلتْ العمق والسند الحقيقي لثورة ١٤ أكتوبر ١٩٦٣م في الجنوب ،تماما كما كانت هذه الأخيرة عضدها وبندقيتها الداعمة.ثورتان شدّتا بعضهما بعضا في أحلك المراحل، ومن خلفهما وقفت مصر العروبة والزعيم طيّب الذكِر البطل القومي/ جمال عبدالناصر. ٢٦سبتمبر كانت وستظل ثورة بكل ما في هذه الكلمة من معانٍ ودلالات وسنظل نعتز بها ايُما اعتزاز في وجداننا عبر السنين والأجيال بعيدا عن أية تداعيات وخيبات أمل وصراعات تلتها، يجب ألا تفسد للثورة قضية وغاية. فأي انتقاص من قدرها ومن أهميتها بأثرٍ رجعي ولحسابات جغرافية أو فكرية كما نراه اليوم من البعض في الجنوب والشمال أمر مرفوض قطعا. فمن يعتبرها مجرد انقلاب فهو إما يجهل التاريخ أو لا يعي أسباب الثورات ومحفزاتها وظروفها وحجم الحيف الذي صادر الحقوق وبطش بها بقسوة الذي كان سائدا، وبالتالي ادراك ضرورة قيامها..فكل عوامل وأسباب الثورة كانت متوافرة فيها- أعني ثورة ٢٦ سبتمبر- في ذلك العهد القاتم تكفي تلك الأسباب وزيادة ان تكون ثورة وتحمل هذا المعنى بجدارة ، .وليس تلك الثورة ( وغيرها من الثورات العربية بالمنطقة في خمسينيات وستينيات القرن الفارط سواءً التي تفجرت ضد الاستعمار الاجنبي او الظلم الداخلي في ذلك المد القومي الذي سنظل نزهو به دوما ) ليست مسئولة عما جرى بعدها من إخفاق وتعثر في تحقيق اهدافها ومقصدها ونشوب الصراعات. فالثورة أية ثورة ليست مسئولية عن اخطاء الثوار أو عن فشل الدولة التي انبثقت عنها.