في السنوات الأخيرة، بذل المجتمع الدولي جهودا كبيرة لمعالجة قضية ميليشيات الحوثي والحكومة الشرعية في اليمن. على الرغم.من ان هذه الميليشيات لا تتمتع بأي شرعية ويتم تصنيفها في الغالب على أنها جماعة إرهابية.
ومع ذلك فان المجتمع الدولي يتعامل معها على نحو غير عادل ويقدمها على القضية الجنوبية وهذا يطرح سؤالاً حاسماً: لماذا هناك معايير مزدوجة عندما يتعلق الأمر بمعالجة القضية الجنوبية المشروعة؟.
القضية الجنوبية متجذرة في أبعاد تاريخية وثقافية وسياسية وجغرافية وثورية وتتطلب اهتماما خاصا وعملا دوليا جادا. وهي ليست مجرد شأن داخلي، بل قضية دولية بكل المقاييس الإقليمية والدولية.
لان الجنوب كانت دولة معترف بها. وبينما ترتكز القضية الجنوبية على الحق الوطني والعدالة الدولية،، فإن قضية الحوثي تعتبر شان داخلي يمني وتفتقر إلى الشرعية والاعتراف الدولي.
كونها مليشيات مسلحة صعدت إلى السلطة نتيجة لانقلاب عسكري ضد الحكومة الشرعية في اليمن، مما أدى إلى تآكل اسس الدولة في البلاد. ومن المفارقات والحال كذلك ان تركيز المجتمع الدولي على قضية الحوثيين يصرف الانتباه عن القضية الجنوبية المشروعة.
ومن خلال إعطاء الأولوية لمشكلة الحوثيين، يقوض المجتمع الدولي عن قصد او غير قصد الشرعية اليمنية والقانون الدولي. وهذا يثير المخاوف بشأن مدى اتساق وعدالة النهج الدولي في حل الصراعات والتعامل مع قضايا الشعوب.
إن القضية الجنوبية لا تتوافق مع القوانين والأعراف الإقليمية والدولية فحسب، بل هي ضرورة أخلاقية أيضا. ينبغي على المجتمع الدولي أن يعترف بالمظالم التاريخية والأهمية الثقافية للجنوب وأن يعمل على معالجة المظالم في إطار الحقيقة والعدالة والقانون.
ومن الأهمية بمكان أن يعترف المجتمع الدولي بالقضية الجنوبية ويعطيها الأولوية، مع الأخذ بعين الاعتبار معالمها السياسية والوطنية والتاريخية والثقافية. لإن تجاهل أو تهميش القضية الجنوبية المشروعة لن يؤدي إلا إلى زيادة عدم الاستقرار وتعزيز الشعور بالإهمال والظلم في صفوف الجنوبيون.
وبينما يتعامل المجتمع الدولي مع الأزمة اليمنية، يجب عليه التأكيد على العدالة والاتساق والالتزام بالقانون والشرعية الدولية. ومن خلال القيام بذلك، يمكنه تصحيح المعايير المزدوجة الواضحة حاليًا في نهجه.
إن معالجة القضية الجنوبية امر حاسم ليس فقط لاستقرار اليمن ، ولكن أيضًا للأمن الإقليمي الأوسع.
إن مظالم شعب الجنوب، إذا لم يتم معالجتها، يمكن أن تؤدي إلى مزيد من الاضطرابات وربما توفر أرضًا خصبة للأيديولوجيات المتطرفة داخل المنطقة.
ويجب على المجتمع الدولي أن يغتنم الفرصة لمعالجة المعايير المزدوجة التي يتعاطى بها مع اطراف الصراع في اليمن والعمل بعدالة من أجل التوصل إلى حل شامل وجامع لجميع الأطراف المعنية.
ومن خلال القيام بذلك، فإنه سيثبت التزامه بالحقيقة والعدالة ومبادئ القانون الدولي، وتعزيز الاستقرار والوئام في هذه منطقة المضطربة من العالم.